بيروت اليوم

الشتاء مستمر ونيسان سيحمل الأمطار والثلوج.. خبير يتحدث عن طبيعة الشتاء الحالي!

يكاد يكون التغير المناخي القضية التي سوف تشغل العالم بعد وباء كورونا والإجتياح الروسي لأوكرانيا، فما هي مؤشرات الخطر؟ وماذا قد يتوقع العالم في السنوات القليلة المقبلة؟

تناولنا في السابق موضوع التغير المناخي والأثر الكبير الذي انعكس بشكل واضح على الأرض في العام المنصرم من فيضانات وزلازل وبراكين وانهيارات أرضية وظواهر مناخية غير معتادة، كما تناولنا قمة المناخ والوعود الفارهة التي تقدم بها لبنان إلتزاماً منه تجاه هذه القضية، ولكن لا بد من إعادة فتح هذا الملف من زاوية أخرى مختلفة وهي الطقس.

من لم يلاحظ قساوة البرد في لبنان مؤخراً، وكأنما الربيع اختفى واجتاح الصقيع البلاد على امتداد أكثر من فصل، فهل ما يحدث طبيعي؟ أم أن للأمر علاقة بالتغير المناخي؟ وهل صحيح أن الأرض قد دخلت في عصر جليدي جديد وأن فصل الصيف سوف يتقلص مع مرور السنوات؟

نائب رئيس نادي العلوم الدكتور فادي كرم نفى لـ «الديار» أن يكون لبنان متجه إلى ما يعرف بالعصر الجليدي، مشيراً إلى أن الشتاء الحالي مألوف، وقد شاهدنا منه ثلاث مرات في العشرة الاعوام المنصرمة ٢٠١٣-٢٠١٤ و-٢٠١٥-٢٠١٦ و-٢٠٢١-٢٠٢٢.

كرم شرح بالتفصيل الأسباب الأساسية وراء الشتاء القارس الذي يمر به لبنان، ورأى أن المنخفضات الجوية التي ضربت لبنان بمعظمها هذا الشتاء، كانت تأتي من الجهة الشمالية مارة من فوق المسطحات القطبية السيبيرية، وصولا إلى البحر الأسود في تركيا ومن ثم تحط رحالها في لبنان، وبالتالي فإن الشتاء الحالي شتاء عادي جداً، انما تسيطر عليه أجواء باردة بسبب عدم وجود رياح غربية كي تجلب منخفضات من ناحية البحر، وذلك نتيجة لسببين علميين وهما:

– الأول: حركة الأعاصير الإستوائية التي حصلت العام المنصرم على مستوى العالم أدت إلى سحب الرطوبة من فوق منطقة البحر الأبيض المتوسط وتوجهها نحو القارة الأميركية، وقد وصفتها الإدارة الأميركية لمتابعة المناخ بأنها التاسعة من حيث القوة في آخر فترة ٢٠-٣٠ عام.

– السبب الثاني: يعود إلى أنه في كل عام بين الشهرين السابع والثامن، يجري ترقب ما إذا كان الشتاء سوف يكون ممطرا ومعتدلا أو باردا وجافا، علماً أن العام الحالي هو عام جاف، كون الشتاء المنتظم الذي يمتد على فترة زمنية أطول، هو الذي يغذي الأرض ويقوي الزراعة ويغذي المصادر الجوية والسطحية للمناخ، وبالتالي يمكن توقع هذا الأمر من خلال مؤشر يعرف بمؤشر تقلبات شمال الاطلسي عبر قياس الفرق في الضغط الجوي بين جزيرة ايسلندا وجزيرة ازوريس في وسط المحيط الاطلسي، وهو الأمر غير المتوافر في لبنان علماً أنه في حال قياسه وتبيان أنه سلبي فإنه يمكن توقع شتاء ممطر ومعتدل، وبالتالي فإن مؤشر شتاء ٢٠٢٢ كان إيجابيا.

ولفت كرم إلى مدى أهمية اعتماد هذا المؤشر، وخصوصاً أن الدول التي تزرع القمح تعتمد عليه، وبالتالي فهو أساسي في موضوع الأمن الغذائي وقياسه أمر مهم جداً وحيوي، كما اشار إلى أن لبنان والساحل الممتد من سوريا إلى فلسطين، هو آخر أمل للأمطار الغربية الاتية من ناحية شمال الاطلسي، وكون المؤشر هذا العام إيجابيا، بالتالي فإن هناك سيطرة للطرقات المختصرة للمنخفضات القطبية المقبلة من المسطحات الجليدية السيبيرية إلى البحر الأسود في تركيا وصولاً إلى لبنان، وهو ما يفسر كون المنخفض باردا أكثر من أن يكون قد مر من فوق المياه، كما في حالة المنخفضات الغربية التي تمر فوق المياه.

رفض كرم أي حديث عن عصر جليدي أو عن أي تأثير للحرب الروسية – الاوكرانية، واصفاً الأمر بالسخافة والهرطقة، كون أي أسلحة لا يمكنها اختراق طبقات الجو، انما كل ما يحدث اننا في فصل شتاء بارد، جاف وغير منتظم، لافتا الى أن كمية المتساقطات قليلة كونها تنحصر في أيام معدودة، وبالتالي لا تجري الإستفادة منها، كما أن الثلج المتساقط جاف أيضاً، وعادة ما تجري تغذية المصادر الجوفية منه في حال ذوبانه، وبالتالي فإن الثلوج الناشفة الاتية من مسطحات جليدية لا مائية وغير مشبعة بالمياه لن تفيد في تغذية المصادر الجوفية، علماً أنه يفترض أن تعطي كل ١٠ سنتيمترات من الثلوج ١٠ سنتيمترات من المياه وهو ما لم يحدث هذا العام.

وأكد أن الشتاء مستمر، وفي حال تأخر بدايته، فإنه سيقوم بتعويض هذا التأخر في شهور الربيع الأولى، وبالتالي فإن نيسان سوف يكون محملاً بالأمطار والمنخفضات وحتى بالثلوج، بالإضافة إلى درجات حرارة متدنية بشكل معقول، وبعيداً عن التهويل الذي عادة ما كان يحصل في الإعلان عن المنخفضات الجوية في لبنان، لافتاً إلى أن الجهة الوحيدة المخولة إعطاء معلومات علمية دقيقة عن الطقس في لبنان هي مصلحة الارصاد الجوية في مديرية الطيران المدني في مطار رفيق الحريري الدولي، والتي يجب أن يجري الإرتكاز عليها حصراً.

ولفت كرم الى أن هذا الشتاء سوف يكون له انعكاسات سلبية على قطاع الزراعة، خصوصاً على الأشجار اللوزية كاللوز والكرز، لسببين أولهما الجليد الصباحي، وثانيهما تساقط البرد، وهما مظهران من مظاهر التغير المناخي الثمانية وفق الأمم المتحدة، وهي الإرتفاع الشديد في درجات الحرارة، التدني المفاجئ في درجات الحرارة، تكوّن الجليد على المرتفعات وفي الداخل، تزايد حدة تساقط الأمطار، إحتمال حدوث الفيضانات، إنخفاض رقعات الثلوج، زيادة إحتمال تساقط البرد، إرتفاع نسبة حدوث العواصف الرعدية، وارتفاع نسبة حدوث الحرائق.

المصدر : رجاء الخطيب – الديار