بيروت اليوم

نور تروي كيف هزمت سرطان الثدي | “لم أبكِ بل طلبوا مني البكاء”..كانت تذهب لعملها صباحاً ومن ثم تستكمل العلاج… “وراء كل امرأة نفسها”!

بنبرة تضج بالإيجابية والحياة، تخبر نور هلال كيف هزمت سرطان الثدي. “بدي إلعن سلافه”، تؤكد هلال، وهي مديرة مشاريع في شركة “شنايدر”، أنّها اتخذت هذا القرار فور اكتشاف إصابتها بالمرض، مشددةً: “لم أكن لأدعه يدمرّني”. تروي هلال معركة الانتصار على المرض بكل أريحية وثقة، إيماناً منها بأنّ سبباً ما- لم تكتشفه بعد- كان وراء هذه التجربة التي غيّرت حياتها “180 درجة”.

في حديث مع “لبنان 24″، توضح هلال أنّ اكتشاف الورم كان “صدفة ربانية”، وما تلبث أن تضيف: “ما زلت أجهل حتى اللحظة كيف ألهمني الله على وضع يدي على صدري”. تروي هلال قائلةً: “لدى عودتي من النادي الرياضي، تحسست صدري، فإذا بي أشعر بشيء غريب”، مؤكدةً: “على كل امرأة أن تعرف جسدها جيداً”. وتتابع هلال: “على الرغم من حملات التوعية التي تقوم بها وزارة الصحة والجمعيات والمؤسسات، ما زلنا غير واعين بما فيه الكفاية”، مشددةً على ضرورة اهتمام النساء والرجال على السواء بصحتهم، بل شبّهت اكتشاف الإصابة في المراحل الأولى بـ”الإنفلونزا العادية”.

أمّا بالنسبة إلى النساء، فتنصح هلال بضرورة القيام بالفحوصات الطبية الدورية والوثوق بحدسهن، وتستشهد بنفسها قائلةً: “لم أكن أتوقع أن يحدث هذا معي. المسألة ليست مزحة. أصررت على الخضوع للفحوصات اللازمة، ولو انتظرت أكثر لما كنت اكتشفت المرض حتى اللحظة”. وتضيف: “لا علاقة للعمر بذلك، ففي حين تشير الإحصاءات إلى أنّ سرطان الثدي يصيب النساء في الأربعينات من العمر، اكتشفت إصابتي فيه في الثلاثينات، أي أنني كنت واحدة من أصل 5 نساء يُصبن بالمرض في هذه المرحلة العمرية”، متحدثةً عن أسلوب الحياة غير الصحي الذي نعيشه كلبنانيين وعن التلوث التي يحيط بنا من كل حدب وصوب.

“وَقْع النبأ تخطى حدود الصدمة بالنسبة إلي. لم أبكِ. بل طلبوا مني البكاء”، بهذه الكلمات تصف هلال ردة فعلها بعد تشخيص إصابتها بسرطان الثدي، مستدركةً بأنّ الخبر صدم عائلتها، لا سيما والدتها، وعائلة زوجها، إلى جانب أصدقائها. وتتابع هلال بأنّ الطبيب أخبرها بأنّها “في المرحلة الثانية من المرض. لحّقتي حالك”، مؤكدةً أنها أكملت حياتها بشكل طبيعي، فكانت تذهب إلى عملها صباحاً ثم تذهب لتلقى العلاج في المستشفى قبل أن تعود لإكمال دوامها. وفيما تتحدّث هلال عن الدور الكبير الذي لعبه زوجها وأفرد عائلتها، حيث زودها بالدعم طوال رحلتها، لا تخفي أنّها تساءلت “لماذا أنا؟”.

وتقول هلال إنّها صمّمت على محاربة المرض بالعقل قبل الجسد، لافتةً إلى أنّها متأكدة من أنّ “ثمة سببا لكل شيء. وهذا ما سأكتشفه مع مرور الوقت”. وعلى الرغم من تأكيدها أن تلقي العلاج الكيماوي “صعب” وأنّ المرض غيّر حياتها، وأنّ فكرة “الموت لم تقلقها”، توضح هلال أنّ مسألة الإنجاب تثير قلقها بعض الشيء. وتضيف هلال بأنّ الأطباء نصحوها بالانتظار لعاميْن قبل الإقدام على خطوة مماثلة، “وإن شاء الله سأقدم عليها”.

تعود هلال التي باتت تتلقى العلاج الإشعاعي إلى اللحظة التي أخبرها فيها الطبيب أنّ مرحلة الكيميائي انتهت قبل شهر. وتسترجع هلال، متسلّحة بقوة التغيير التي شملت جوانب حياتها المختلفة، إجابة الطبيب عندما سألته: “هل شفيت دكتور؟”، قائلةً: “قال لي: “سأكذب إذا أخبرتك أنك شفيت، أنت شفيت بنسبة 95%، وهناك احتمال بنسبة 5% بأن يعاود المرض الظهور”. في تعليقها، تؤكد هلال أنّ صراحة الطبيب ساعدتها. فالتوعية أساسية على هذا المستوى، مضيفةً أنّ القلق يخالط مشاعر الأمل التي تعيشها، وأنّ أملها كبير.

تؤكّد هلال التي قرّرت أن “تحب نفسها كما هي” وأن تمتنع عن وضع شعر مستعار، أنّ “نظرات البعض مؤذية، بل هي مؤذية جداً. إذ أنّ البعض لا يتقبّل الاختلاف”، آسفةً لعدم قدرة البعض على تقبّل “ما هو خارج عن المألوف”، وداعيةً إلى ترك الحرية للنساء لاختيار المسار الذي يحلو لهن.

وفيما تكشف هلال عن رغبتها في تأليف كتاب لأنّ ما سمعته خلال الأشهر الماضية يخوّلها القيام بذلك، توضح أنّها ترغب أيضاً في إلقاء حديث عبر مبادرة “تيد” (Ted Talk)، وربما “تصوير فيديو جديد”. وتضيف هلال أنّها فكرّت في تأسيس جمعية إلاّ أنّها عدلت عن الفكرة، مشيرةً إلى أنّ “الأفكار كثيرة”.

تكرّر هلال دعوتها الرجال عموماً والنساء خصوصاً إلى الخضوع للفحوص الدورية، مسلّطةً الضوء على دور المرأة في المجتمع بالقول: “وراء كل امرأة عظيمة امرأة، بل وراء كل امرأة نفسها. أوليست المرأة التي تربي الأجيال؟ فإذا كنتن تردن احترام الرجال، فعليكن بتربية الأبناء على احترام النساء!”.

(فاطمة معطي- لبنان 24)