بيروت اليوم

لماذا لم يعلن رسمياً بعد عن أول حالة شفاء من كورونا في لبنان؟

في قراءة للتقارير اليومية الصادرة عن مستشفى رفيق الحريري الجامعي، يبدو واضحاً المسار التصاعدي لعدد الحالات التي خضعت للكشف الطبي حول اصابتها بفيروس كورونا المستجد، فقد استقبل المستشفى خلال الـ24 ساعة الماضية 132 حالة في قسم الطوارئ، وأجريت فحوصات مخبرية لـ 122 حالة، جاءت نتيجة 113 منها سلبية، و9 حالات إيجابية.

يشرح رئيس قسم العناية في مستشفى الحريري محمود حسون لـ”النهار” أنه “علينا أن نعرف أن أي مريض مصاب بكورونا لا يُعلن عن شفائه إلا بعد التحقّق من مؤشرين أساسيين:

* عدم ظهور أي عارض من أعراض الفيروس (ضيق التنفس- ألم في الحلق، الحرارة….)
* صدور نتائج فحص الـ PCR سلبية على مدى يومين من إجرائه. (إجراء الفحص الثاني بعد 24 ساعة عن الفحص الأول).

“هذا الفحص حسّاس جداً، وما جرى مع المريضة الأولى في لبنان، وفق حسون، أننا أجرينا الفحص عليها بعد غياب كل العوارض المتعلقة بالفيروس، فجاءت سلبية. ولكن في اليوم التالي عندما كررنا الفحص وفق توصيات منظمة الصحة العالمية ظهرت نتيجة إيجابية بنسبة طفيفة جداً. ما يعني أن الفيروس ما زال موجوداً في جسمها ولو بنسبة ضئيلة. وبما أنها مريضة كورورنا ونعرف أنها تحمل الفيروس الذي يبقى في جسمها لفترة قبل أن يزول كلياً، وبالتالي لا يمكن إخراجها قبل صدور نتيجتين سلبيتين للفحص. وبما أن الفيروس يكون ضئيلاً في الجسم في ظل عدم ظهور الأعراض، يصعب أحياناً أن يظهر في فحص PCR عند مريض #كورونا، لذلك يُعاد مرة أخرى للتأكد من صحة النتيجة وبالتالي شفاء المريض نهائياً من الفيروس. وهذا ما جرى مع المريضة التي كشف فحصها الثاني أنه إيجابي بنسبة طفيفة، ما دفعنا الى إبقائها في المستشفى بالرغم من عدم وجود أي عارض صحي عليها”.

منذ ليل 20 شباط ولغاية اليوم ما زالت المريضة الأولى موجودة في مستشفى رفيق الحريري الجامعي، وسيتم إعادة الفحص لها، وفي حال ظهرت النتيجة سلبية على مدى يومين عندها يمكن الإعلان عن أول حالة شفاء في لبنان. وأشار حسون إلى أننا “نُعيد الفحص كل 3 أو 5 أيام حسب حالة المريض، أما بالنسبة الى المريضة الأولى فقد تأخرنا قليلاً لإعادة الفحص والتأكد من شفائها الكلّي من الفيروس”.

وأضاف: “من المهم أن نعرف أنه كلما كانت الأعراض موجودة، فهذا يعني أن الفيروس ما زال موجوداً في جسم المريض. والأهم أن كل مريض يُقاوم الفيروس بطريقة مختلفة عن مريض آخر، هناك أجسام تتخلّص من الفيروس بطريقة سريعة، في حين يطول الفيروس في أجسام أخرى. ويعود هذا التفاوت إلى عمر المريض وحالته الصحية (هل يعاني من مشاكل مزمنة ومشاكل في الجهاز التنفّسي). وإجمالاً يحتاج المريض إلى ما بين 10 إلى 15 يوماً للشفاء من الفيروس، إلا أن هذه الفترة تطول عند المريض الذي يعاني من أمراض صحية أخرى أو التهابات رئوية حادة لتصل إلى 20 و25 يوماً”.

اليوم يُعالج مستشفى رفيق الحريري الجامعي 32 حالة مثبتة من كورونا قبل صدور التقرير ليوم الإثنين ، بعد نقل 4 حالات كانت متواجدة في مستشفيات أخرى. برأي حسون “هناك 3 حالات حرجة تخضع اليوم للمراقبة والعلاجات اللازمة، ومنها أدوية anti viral تُعطى في حالة مرض الإيدز، وقد تعطي نتائج في موضوع كورونا. ونلجأ إلى هذه الأدوية فقط في الحالات التي يعاني منها المريض من التهابات رئوية حادة، وليس لكل مرضى الكورونا.

أما بالنسبة إلى دواء chloroquine الذي قيل إنه قد يشفي من كورونا، يُوضح حسون أن “لا يوجد معطيات كثيرة عن هذا الدواء، إلا أن هذا الدواء في الأساس يُعطى للملاريا، ونُشرت دراسة حول فعاليته في معالجة كورونا، إلا أنه للأسف تمّ سحب التداول بهذا الموضوع. نحن نعتمد على توصيات منظمة الصحة التي لم تصدر لغاية الآن أي قرار بشأنه، وعدم إثبات أي فعالية في مواجهة هذا الفيروس المستجد”.

ما يقوله حسون يؤكده الاختصاصي في الأمراض الجرثومية الدكتور بيار أبي حنا. وبرأيه أن “هذا الفيروس يتأخر حتى يزول نهائياً من الجسم. هذه المريضة شُفيت من الفيروس، لكن الفحص ما زال إيجابياً بنسبة طفيفة، ما يجعلنا نتريث للإعلان عن أول حالة شفاء إلى حين صدور نتيجة فحص سلبية في المرتين. علينا أن نعرف أن هذا الفحص دقيق جداً، حتى لو مات الفيروس يبقى هناك رواسب تجعل الفحص أن يكون إيجابياً، نحن لا نعرف مدى فعاليته في الجسم من عدمه، لذلك نحن نقوم بكل الاحتياطات اللازمة”.

لكن طبياً ما هي المدة الزمنية للشفاء من كورونا؟ يقول أبي حنا: “عيادياً يحتاج الى 10 أيام، لكن لزوال الفيروس نهائياً قد يحتاج تقريباً إلى 20 يوماً. وبعد الحصول على نتيجتين سلبيتين عندها يمكن القول عن حالة شفاء أكيدة، وبالتالي يمكن للمريضة العودة إلى حياتها الطبيعية دون حجز منزلي أو عزل”.

أما بالنسبة إلى الحالات وتوزّعها، فيشدد مدير عام وزارة الصحة وليد عمار في اتصال مع “النهار” على أن “المستشفى المعتمد لغاية الآن هو مستشفى الحريري الجامعي، ولقد نُقلت كل الحالات التي كانت موجودة في مستشفيات أخرى إليه. كما يتخذ مستشفى المعونات كل التدابير اللازمة للعاملين الذين كانوا على احتكاك مع المريضين”.

ولفت عمار إلى أنه “كل يوم هناك حالات مشتبه فيها تخضع للفحص في مستشفى الحريري، كل إصابة نُعلن عنها وعن حيثياتها وممنوع إخفاء أي شيء. يوجد حتى اليوم 32 حالة مثبتة بالكورونا (أدلى بالحديث قبل صدور تقرير الاثنين”، 31 منها نعرف مصدرها وكيفية إصابتها بالفيروس وهناك حالة واحدة وهي للمريض الذي كان في بصاليم لا نعرف كيفية إصابته بالفيروس، ويصعب الحديث إليه لأنه موصول على الأنابيب. وعندما نقول إن الشخص نقل العدوى يعني أنه أصيب بالفيروس، في حين أن الاحتكاك مع المريض لا يعني بالضرورة إصابته.

هناك عدد كبير من الأشخاص احتكّوا بالمصاب وتتمّ متابعتهم وإجراء الفحوصات لهم، ومن تكون نتيجته إيجابية، يعني أنه “انعدى”. وأصبح بإمكان المستشفى الذي يستقبل حالة مشتبهاً فيها، إجراء الفحص الأوّلي للشخص، وبناءً عليه يتم التنسيق مع وزارة الصحة ومستشفى الحريري لإعادة الفحص والتأكيد على النتيجة قبل نقله. وفي حال كانت النتيجة إيجابية لا ضرورة لإعادة الفحص، وإنما اذا كانت سلبية يُعاد الفحص مرة ثانية للتأكد من صحة المريض”.

وأشار إلى أن “هذا الفيروس جديد، ونحن نتعاطى معه بشكل علمي، ولن يخرج أحد من المستشفى قبل صدور نتيجتين سلبيتين والتأكد من شفائه نهائياً. وكان هناك أشخاص أيضاً سجلوا نتيجة سلبية، ولكننا أعدنا الفحص لهم. ولم يُسجل حتى الساعة أي نتيجة سلبية على يومين متتاليين لأي مريض في لبنان، وعند حدوث ذلك سيتمّ الإعلان عنه رسمياً. علماً أن معظم المرضى في مستشفى الحريري يتماثلون للشفاء، ولكن لن نُخرجهم قبل الحصول على نتيجة سلبية لفحص PCR مرتين”.

المصدر : ليلي جرجس | النهار