بيروت اليوم

لا دخان ابيض ولا اسود.. ماذا لو اعتذر الحريري عن التأليف؟

المصدر : نبيل هيثم – الجمهورية

تحت عنوان إعتذار الحريري… إن حصل!، كتب نبيل هيثم في صحيفة “الجمهورية”: قبل سفره الى باريس منتصف الاسبوع الماضي، أبلغ الرئيس المكلف سعد الحريري الى رئيس المجلس النيابي نبيه بري، أنّ زيارته الى فرنسا قصيرة، وسيعود الى بيروت يوم السبت، أي قبل يومين، ولكن مرّ السبت، ولم يعد الحريري، ويقال إنه سيعود اليوم!

بالتأكيد “الغايب عذرو معو” على ما يقول المتفهّون لأسباب الرئيس الحريري وظروفه، خصوصاً انّ نشاطه الباريسي بَدا انه لم يخرج عن سياق “الجدية” التي عبّر عنها قبل سفره، بهدف توليد حكومته في مهلة أقصاها يوم غد الثلاثاء، علماً انّ الحكومة الضائعة منذ ايار الماضي، قد دخلت في االشهر التاسع من المراوحة والتعطيل.

السؤال الذي يطرح نفسه في موازاة المشاورات الباريسية للرئيس المكلف: هل انّ لحظة المخاض الفعلي للحكومة قد بدأت؟ وهل انّ “الحَمْل التعطيلي” للحكومة صار قريباً من مرحلة “الوضع”، وسيخلّف حكومة في شهره التاسع؟

في الداخل رصدٌ من كل الاتجاهات لحركة مشاورات الحريري وأي أمور توضع على الطاولة، وأي مقاربات تجري لفكفكة ألغام التعقيد، وتحت أيّ سقف يتم النقاش.

والثابت حتى الآن وسط هذه الصورة، هو ان لا أحد من الاطراف السياسية يُمسك بـ”طرف خيط”، ولو رفيع، يشجّعه على الانتقال من حال الترقّب والحذر الى مدار التفاؤل الجدي، بل العكس هو الصحيح، إذ ثمة من يجاهر بعجزه على فك هذا اللغز التعطيلي المتحكّم بالحكومة منذ أيار الماضي، كما بعجزه على تصديق انّ مشاورات الحريري المتجددة ستُنتج طحيناً.

وثمة، في الوقت نفسه، من يتندّر على ما يسمّيه “البحث العابر للقارات عن حكومة خلف المحيطات”، ويقول: “نحن أمام فصل من الفصول اللبنانية غير المفهومة؛ صرنا امام طبخة حكومية لبنانية بنكهة فرنسية، يجري إنضاجها بحوار ما وراء البحار، مع ذات الاشخاص وبذات الافكار والطروحات. وبالتالي، لم يتبدّل سوى المكان، فما الجدوى إذاً من السفر والابحار؟

حتى الذين تجاوبوا مع الرئيس المكلف في مسعاه، وباركوا له “هذه الهمّة العالية” التي أظهرها بداية الاسبوع الماضي، وتمنوا لتفاؤله ان يقترن بفعل ملموس قبل يوم الثلاثاء، بدأوا يتململون، ويثيرون علامات استفهام سلبية حول مغزى “المراوحة في اللاشيء”. وهل يوجد في الامر “إنّ” تعتقل المخارج والحلول؟

والرئيس نبيه بري، الذي يَشهد أنه تبلّغَ، وبلّغ بتفاؤل الحريري، جعله عدم بروز أي مؤشرات إيجابية، يميل الى التخوّف على فرصة توليد الحكومة هذا الاسبوع من ان تضيع”.

الواضح حتى الآن ان لا دخان لا ابيض ولا اسود ولا حتى رمادي حملته الرياح من باريس الى بيروت، لكنّ المثير في موازاة ذلك، وكذلك في ما استجد من “تفاؤل الحريري”، اقترانه بتعمّد “جهات مجهولة” الى إلقاء حجر كبير في البركة اللبنانية، بدحرجة كرة اعتذار الرئيس المكلف على المشهد الحكومي!

اللافت في هذا الامر، ان لا الرئيس الحريري نفى شخصياً هذا الخيار، ولا اوساطه ولا تيار “المستقبل”، علماً انّ مسألة الاعتذار لطالما كانت مستفزة لهذا الطرف في اوقات سابقة، الى حدّ ان مجرّد طرحها، وحتى لو كان هذا الطرح من باب الاحتمال الضعيف جدا، كان يُقابل باستنفار سياسي من قبل فريق الرئيس المكلف، ونفي قاطع مع التأكيد انّ الحريري ليس في هذا الوارد على الاطلاق، ولن يحقق ما يريده له خصومه.

في الصالونات السياسية، أحاديث تبرّر للحريري الاقدام على قرار كبير حتى ولو كان الاعتذار عن تشكيل الحكومة، إذ انّ الفشل في تشكيل الحكومة هذه المرة، لم يبق امامه سوى هذا السبيل لسلوكه، ذلك انّ السبل الاخرى مغلقة بالكامل، بحيث لا يمكن للحريري ان يسلّم بالاستمرار في حال التعطيل القائم، وإبقاء الامور على ما هي عليه منذ تكليفه حتى اليوم، وهو أمر له ثمنه الشديد السلبية على الحريري، سياسياً ومعنوياً.