بيروت اليوم

عون للقضاة | لا غطاء لأحد… و”لستُ مُستهدفاً”!

لفتت صحيفة “الجمهورية” الى انه لا يكاد يمضي يوم إلّا ويتواصل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مع المعنيين في ملف الفساد القضائي.

وفي السياق قال قريبون منه: “هناك قضاة أوقفوا وقضاة شطبوا من جدول المناوبة، وآخرون يخضعون للتحقيق. لن يسعدنا يوماً أن نرى قاضياً وراء القضبان، ولكن لن نحول دون هذا، مهما كان، إن استأهل العقاب”.

وأضاف هؤلاء، بحسب ما نقلت الكاتبة في “الجمهورية” ملاك عقيل في مقال لها: “الرئيس ساهر ويواكب عن كثب من خلال اجتماعات مع القضاة المعنيين بالتحقيقات الجزائية او المسلكية، مع الحرص على ان يكون الشق الأمني فيها في خدمة القضاء، وليس العكس، من دون أن يعني ذلك انّ القضاء جزيرة معزولة، لا يمكن أحد ولوجها لاكتشاف أسباب الخلل فيها والمسببين به”.

وفي هذا السياق، يبدو ردّ رئيس الجمهورية، بحسب الكاتبة، واضحاً ومباشراً على ما يتعرّض له العهد، مع انطلاق ورشة مكافحة “الفساد القضائي”، من استهدافات يُروَّج لها في انتظام داخل أروقة القضاء وفي الكواليس السياسية.

فيما بَدا لافتاً عدم مسارعة أي من القريبين من عون أو قيادة “التيار الوطني الحر” الى “أخذ طرف” الى جانب القاضي جرمانوس، في مواجهة “المعلومات”، مع العلم أنّ الأخير مُصنّف، بالسياسة، “من ضمن عدّة شغل العهد”.

وفي هذا السياق، قالت مصادر رئاسة الجمهورية انّ “كل كلام عن أنّ منظومات قضائية للعهد مستهدفة هو خارج الاطار الصحيح، لأن لا منظومات قضائية أصلاً لهذا العهد.

الرئيس لا يشعر بالاستهداف ولا يغطي أحداً، إذا ما تمّ التقيّد بأصول التفتيش والملاحقة القضائية للقضاة، وعدم التشهير بهم إعلامياً، خصوصاً انّ الإدانة الجزائية لم تحصل بعد، والمسلكية تكتنفها السرية التامة”.

وجزمت المصادر بأنّ “عون لا يفرّق بين جهاز أمني وآخر، وما يهمه هو تقيّد الاجهزة بأصول التحقيق الاستنطاقي عندما تعمل ضابطة عدلية بأمرة القضاء ومواكبته”.

الى ذلك، تابعت الكاتبة في مقالها انه ومع انطلاق ورشة مكافحة الفساد في قصور العدل، وَصل هلع بعض القضاة و”نَقّهم” الى أبواب القصر الجمهوري. شكاوى، وهواجس من استهداف،

ومطالبات بكَف يَد “شعبة المعلومات” عن التحقيقات الجارية، “بسبب تجاوز صلاحياتها”. وَصل الأمر الى حدّ اتهام المدعي العام لجبل لبنان القاضية غادة عون بالتواطؤ مع “المعلومات” ضد بعض القضاة!

واشارت الكاتبة الى انه في قصر بعبدا لا تحسّس من عمل الأجهزة على خط الفساد، وتحديداً “شعبة المعلومات”. “إرتياح قاض ما الى التعاون مع جهاز معيّن لا يهمّنا، مع العلم انّ الجهاز المهيّأ طبيعياً،

وبحكم وظيفته لمكافحة الفساد ورصد أوكاره وإنجاز الملفات الموثّقة في شأنه هو أمن الدولة. مع ذلك، نحن لا نخوض معركة أي قاضٍ أو رئيس جهاز”.

ويذهب الأمر، اضافت الكاتبة، الى حدّ التأكيد أنّ “كل كلام عن استهداف متعمّد لِما يقال إنه منظومات، محسوبة على العهد، أو تدجين بعضها، او ابتزاز العهد هو غير صحيح،

مع الحرص طبعاً من جانب عون ووزارة شؤون رئاسة الجمهورية على عدم سيطرة الامن على القضاء. فكل تجاوز نحن نعالجه، بواسطة وزير العدل، او مباشرة إن اقتضى الأمر بمعرفة الوزير”.

أمّا الموقف في بعبدا من عمل “شعبة المعلومات” فلا يحتمل اللُبس، وفق الكاتبة: “الشعبة” أنجزت وتنجز، وان ثبت تجاوزها الحدود، فرئيس الجمهورية يتدخل،

بدليل أنه لم يتوان أصلاً عن سؤال رئيس “شعبة المعلومات” العميد خالد حمود والمدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء عماد عثمان عن أسباب تجاوز مدة توقيف بعض الموقوفين، وعن مسار التحقيق بإشراف النيابة العامة المختصّة وأتت الأجوبة مقنعة الى حينه”.

كما ان فريق عمل عون غير البعيد عن “أورشليم” بلغته أصداء “استنفار” بعض القضاة مع توقيف سماسرة ومساعدين قريبين منهم. ومع تعميم هؤلاء أجواء تفيد عن احتمال ضغط “المعلومات” على السماسرة لانتزاع الأقوال بالقوة،

أكدت مصادر هذا الفريق أنّ “إجراء تحقيقات تحت التعذيب المعنوي او الجسدي، لدى أي جهاز، لاسيما “المعلومات”، هو غير مرتكز الى أي واقع، بدليل انّ عون سأل وأتته الاجوبة الموثقة من النيابة العامة التمييزية، والمقترنة بتقارير طبية حاسمة”.

ولفتت مصادر رئاسية الى ان هناك تفهّماً رئاسياً لهذه الهواجس من دون أن نفرمل، “لا التفتيش القضائي ولا التحقيق الجزائي، لأنّ الهمّ يبقى ان تكون اليد التي ستتولى مكافحة الفساد في المراحل الاخيرة، والمقصود القضاء، يداً نظيفة وحيادية ومتحرّرة من التجاذبات السياسية”.

واضافت المصادر “تحسّس قاض مرتكب لا يعنينا ولا نغطّيه، من دون أن يعني ذلك التخلي عن المواكبة اليومية والحرص الشديد على الحدود والضمانات، كما هو الحرص على رفع الحصانات أمام المساءلة القضائية”.

وبالتالي، يرى عون نفسه “خارج دائرة الاستهداف تماماً، ومن أي جهة”. أمّا القريبون منه فيوجّهون رسالة بالغة الوضوح الى من يعنيهم الأمر: “فليطمئن الجميع، ولاسيما منهم الذين يعتبرون أنفسهم عن غير وجه حق، أنهم يختزلون بأشخاصهم الضمانات السياسية للعهد،

أو الأهم القابعين في الخنادق الامامية لحمايته، سواء كانوا قضاة او أمنيين. إطمئنوا، “نحن مش هيك منشوفها”، والرئيس في مكان آخر تماماً. وفي مطلق الحالات، فلينتظر الجميع التشكيلات القضائية المرتقبة سواء في الاماكن التي شَغرت، أو سواها…”

كما انه في قصر بعبدا ثمّة تسليم، وبالنظر الى الملفات الحسّاسة التي تتولاها القاضية غادة عون، “بأنه من الطبيعي ان تكون الانظار موجّهة إليها بشيء من الريبة والخشية، إلا أنه يبقى انها تعمل بجو غير تصادمي على الاطلاق مع النائب العام التمييزي، على ما نعلم، أو مع الوزير السياسي (وزير العدل) أو مجلس القضاء الأعلى او رئاسة هيئة التفتيش.

فمثلاً، حين تقرّر أن تشطب قاض من جدول المناوبة، بصفتها رئيسة الدائرة القضائية للنيابة العامة في جبل لبنان، فهذا أمر يدخل ضمن اختصاصها، وعليها أن تُبلّغه الى رؤسائها التسلسليين، وهذا ما تفعله. كما أنها أول من أعطت إشارة قضائية للتحقيق مع سائقها ثم توقيفه”.

وعبّر رئيس الجمهورية عن انزعاجه من حملات التشهير التي تلحق ببعض القضاة أو الرهان مسبقاً على مصيرهم، في ظل تأكيد رئاسي “أنّ قرينة البراءة تظلّلهم”.

وفي الوقت نفسه جزمت أوساطه “أنّ اي مناخ توجّسي بين المساعدين القضائيين او القضاة، هو جَو غير سليم يقوّض سلطة القضاء وضمانات القضاة والمتقاضين، ولا يفيد في شيء”.