صحة وطب

الشعور بالحكة.. من أين يأتي وكيف يمكن التغلب عليه؟

ما هو تفسير الحكة؟ وما علاقتها بالألم؟ وما هي آخر التطورات في علاج هذه المشكلة؟

كما هو الحال بالنسبة للألم، يمكن للحكة أن تكون بمثابة جرس إنذار في بعض الحالات، فالحكة تعلم الإنسان أن يكون حذرًا تجاه بعض المخاطر، مثل البعوض الناقل للملاريا أو بعض النباتات السامة. ولكن يمكن أن تصبح الحكة مشكلة مزمنة ومستعصية على العلاج، وأن تتحول إلى حالة تؤرق حياة صاحبها وتسبب له الكثير من الإحراج والتعب.

وعلى الرغم من كل هذا التقدم العلمي في المجال الطبي وغيره، إلا أن العلماء لم يتوصلوا حتى الآن إلى فهم دقيق لمشكلة الحكة والآليات المعقدة التي تدفعنا لحك أجسامنا.

ما الفرق بين الألم والحكة؟

تعتبر الحكة إحدى العمليات الحيوية والاستجابات الحسية للجسم، كما هو الحال بالنسبة لشعورنا بالألم واللمس والحرارة. وتتدخل العديد من الجزيئات والخلايا في إيصال هذا الإحساس من الجلد باتجاه الدماغ. وتستهدف معظم أدوية الحكة التي تباع في الصيدليات مادة الهيستامين، وهو مركب يتدخل في العملية الالتهابية. ولكن العديد من حالات الحكة لا تستفيد على مضادات الهيستامين وغيرها من العلاجات المتاحة.

وقد كشفت الدراسات الحديثة في موضوع الحكة عن وجود علاقة غامضة بينها وبين الشعور بالألم. فقد وجد العلماء على سبيل المثال أن عملية الحكّ تريح المصابين بالحكة، كونها تحرّض الشعور بالألم، والذي يلغي بدوره الشعور بالحكة، مؤقتًا على الأقل. كما وجدوا أن الخلايا والدارات العصبية التي تنقل إحساسي الألم والحكة تتداخل بشكل أو بآخر.

ويمتلك العلماء العديد من النظريات لتفسير هذه العلاقة الغريبة بين الحكة والألم. وتقترح إحداها أن الخلايا العصبية نفسها تولد الشعور بالحكة عند تنبيهها بشكل خفيف، بينما تولد الشعور بالألم عندما تتنبه بشكل كامل. بينما تقول نظرية أخرى أن الخلايا العصبية المسؤولة عن توليد الشعور بالألم والحكة هي خلايا مختلفة، ولكن الإشارات العصبية الصادرة عنها تتداخل في مستوى النخاع الشوكي.

نحو مزيد من الفهم لمشكلة الحكة

وللوصول إلى فهم أعمق لهذه المشكلة، قام العلماء بإجراء تجاربهم على بعض الفئران المعدلة وراثيًا، وتوصلوا إلى أن شعور الألم والحكة لا يترافقان بالضرورة. إذ تمكن العلماء من استنسال فئران تشعر بالألم ولكنها لا تستجيب لمحرضات الحكة.

ومن خلال هذه الأبحاث، تمكن العلماء من تحديد بعض الخلايا العصبية والإشارات المتورطة في مشكلة الحكة المزمنة، ولكن لا زلنا بحاجة إلى المزيد من الدراسات للوصول إلى علاج فعال.

وأخيرًا، وبفضل هذه الدراسات والأبحاث المستمرة، يلوح في الأفق أمل بالتوصل إلى علاجات ناجعة وأكثر فعالية لمشكلة الحكة المزمنة مجهولة السبب والمستعصية على العلاج.

اترك ردا