بيروت اليوم

‘وسيم’ سافر ليؤمن ثمن قطعة أرض ويبني بيتاً لن يسكنه | ابن الـ33 سنة قضى غرقاً بعد تعرضه لجلطة ليرحل من حضن الأحبة بعد سنوات طويلة من الغربة….

على عجل، وضب “وسيم” حقيبة السفر، جمع فيها قنطاراً من الأحلام وارطالاً من الطموح… شد وثاقها بدعوات والديه ورضاهما عنه…. احتضن ما اكتنز من ذكريات وسافر الى قطر… نظراته الأخيرة قبلت صباحات بلدته “فرون” الجنوبية،

وطرُبت آذانه للمرة الأخيرة بأنين لياليها تقرأه الحنين الذي لن يفارقه في ليالي الغربة… ولكن مخطط آماله لمستقبله ومستقبل عائلته لم يرق الى رضا القدر، الذي انعطف به وبهم نحو مصير مشؤوم، ليغرق تحت أمواج من اسى ولوعة ستتخبط بها عائلته التي سيكتب لها أن تزفه عريساً الى السماء وان تزين صورته الممهورة بالسواد منزلاً لم يبنِه بعد….

قبل 7 سنوات تقريباً، سافر الشاب وسيم نور الدين الى قطر ليعمل مزيناً نسائياً… سحرته روعة الحياة في مجتمع قدر موهبته وهالها، ولكن كل الشهرة والتقدير التي نالها هناك لم تنل من حنينه الى ارض موطنه وشوقه لأهله واخوانه… فهو الابن البار الذي لطالما آثر اسرته على نفسه، وضحى في سبيل سعادتهم بثمين وقته،

حتى ان استحصل على مبلغ كاف من المال، مد به اسرته التي يعيل لتشتري قطعة أرض وتباشر اعمال بناء منزل الاسرة، ويحقق ما لطالما رنت اليه نفسه أن يجمع اخوته واخواته حولهم رغم ضيق الحال…. ولكن كل ذلك الحلم الجميل تبدد في برهة…..

كعادته كل يوم جمعة، توجه السباح الماهر “وسيم” الى البحر ليغوص في اعماقه ويجدد طاقته قبل التوجه الى دوام العمل… ولكن نهار الجمعة هذا لم يحمل له من الخير ما صلى ورجا… فأمواج البحر التي لطالما دغدغت نفسه الطيبة وخففت عنه ضغوط الحياة وآهات الغربة ما لبثت ان خانت عهده لما خارت قواه….

فكما روى احد اصدقاء “وسيم” لموقع “يا صور”، شعر ابن الثلاثة وثلاثين عاماً بوعكة صحية لم يتصور أنها عوارض جلطة دماغية، غدرت به وهو في عرض البحر فاستنزفت قدرته على المقاومة… ضعف بنيان جسده الشاب القوي واستسلم تحت هدير الامواج تخطف من اخر انفاسه حتى اسلم الروح لبارئها….

ضجت بصوره مواقع التواصل الاجتماعي ونعاه الاهل والاصدقاء شابا خلوقاً مهذباً وطموحاً…. زاروا مركز التصفيف النسائي الذي افتتحه بعد مشقات سنوات طوال في الغربة ورفعوا فيه آيات الحزن والفرقة….

وأبدا ستشتعل نيران الشوق واللوعة في نفوس افراد عائلته ولن تطفئها اشعار المسؤولين فخراً بابناء الوطن المغتربين الذين ما برح هذا الوطن الجريح يحتضن جثامينهم الباردة ويبكي عجزه عن حمايتهم من ذل وقهر وفساد القيمين على امورهم….

يا صور