بيروت اليوم

هو فقد شقيقه وهي خسرت شقيقتها في مرفأ بيروت… خطوبة وليام نون وماريا فارس بعدما جمعهما الألم !

” من حطام إنفجار ##بيروت، ورائحة الموت والدم، من أشلاء الضحايا التي بقي بعضها مفقوداً، من عدالة مؤجلة وأنين ودموع عائلات ضحايا 4 آب، وُلد الحب. حمل قضية شقيقه دجو نون وبدأ معركته لإحقاق العدالة، وهي حملت صورة شقيقتها سحر فارس لتطالب بمعرفة الحقيقة. كلاهما موجوع، كلاهما انعطبت مشاعر الأخوة في حياته، هو فقدّ شقيقه وهي خسرت شقيقتها، وفي طريقهما للبحث عن العدالة وجدا أسمى مشاعر الحب.

معاً حملا دموع الفاجعة ومضيا، لم يكن يعرف أحدهما الآخر، جمعتهما المصيبة والخسارة، جمعتهما المطالب المحقة لملف انفجار #4_آب، وخلال معركتهما لمعرفة الحقيقة كانت بداية جديدة تُكتب بصمت ومن دون معرفتهما، في داخل كل منهما عزيمة الحياة تنتفض وتنمو أكثر.

لم يسأم وليام نون من رفع الصوت عالياً للمطالبة بمحاسبة المسؤولين عن انفجار المرفأ، سنتان من دون ملل وتعب، يقف في الشوارع يصرخ باكياً ومنفعلاً، عازماً وجريئاً، مشاعر ممزوجة بالغضب والوجع، يريد حق شقيقه في فوج الإطفاء وحق مئات الضحايا.

وكما جرح وليام ينزف، كذلك كان جرح ماريا فارس التي خسرت شقيقتها سحر في فوج الإطفاء. كانت حاضرة طوال الوقت تصرخ باسمها وباسم عشرات غيرها. لم تيأس من المحاولة في بلد متأزم يطمس الحقيقة في دهاليز الفوضى والفساد والإهمال.

ومن قلب الوجع باللاعدالة، رأينا بصيص نور، صورة تجمع وليام وماريا معاً لإعلان خطوبتهما كانت كفيلة بإحداث زلزال داخلي جميل. قد لا تكون أجمل قصة حب عند كثيرين، لكن بالنسبة لنا ولهما ولكل عائلات ضحايا 4 آب، قد تكون أكثر من قصة حب، قد تكون بداية للحلم بحياة أكثر فرحاً، قد تكون بسمة صادقة بعد سنتين على دموع تواصل انهمارها القاسي، قد تكون انتصاراً للحياة على الموت!

يشاركنا وليام بعض التفاصيل، بفرحة وغصة يؤكد لـ”النهار” أن قصة حبهما أدخلت الفرحة إلى قلب العائلتين المفجوعتين برحيل أبنائهما، كما أن دجو وسحر “أكيد مبسوطين فينا من فوق”، معاً سنحمل القضية بطريقة أقوى وسنكون سنداً دائماً لبعضنا في هذه القضية. فأنا أعرف تماماً أن ماريا ستعرف وجعي وما أشعر به لأنها تعيش الوجع ذاته، وبوجودنا معاً نجحنا في إضفاء لمسة حب وأمل في قلوب عائلات الضحايا الذين أرهقتهم اللامبالاة واللاعدالة في محاسبة المسؤولين”.

لم يكن وليام يعرف ماريا قبل انفجار #4_آب، تعرّف إليها بعد الفاجعة التي ألمت بعائلات كثيرة. كانت تشارك في المظاهرات والوقفات الاحتجاجية لأهالي ضحايا الانفجار، وكما يصفها وليام “هي شخصية هادئة ومثابرة لا تعرف التعب واليأس، ولكن بقيت علاقتنا عادية إلى أن جمعنا عشاء منذ 4 أشهر حوّل قصتنا إلى ما هو أبعد من مجرد تعارف وتضامن. في داخلي، كنتُ أشعر أن ماريا مميزة وأكنّ لها مشاعر خاصة، ولكني لم أخطط لشيء، ربما لأن الحب لا يحتاج إلى مقدمات”.

وبينما كانا يحضران العشاء في منزل عائلة حتي حيث كانا مدعوين مع بعض أهالي ضحايا الانفجار، كانت شعلة الحب تزيد توهجاً في حياتهما بصمت. ويشرح وليام كيف تحولت هذه الليلة إلى بداية أمل غير متوقعة “كنا نحضر العشاء وبدأت أمازحها طوال الوقت. وبعد انتهاء العشاء طلبتُ منها أن نتحدث على انفراد وقلتُ لها “أنت تعجبينني وأتمنى أن تكوني شريكتي في الحياة كما في النضال. وأن نعد الطعام في منزلنا وتحت سقف واحد”.

هكذا صارحتها ووافقت أن نبدأ قصة حب قد تبلسم جروحاتنا وآلام عائلاتنا ومحبينا، وبالفعل توجهنا إلى عائلتينا اللتين كانتا بحاجة إلى هذه الفرحة حتى يستكملا نضالهما ومسيرتهما في وجه الظلم والإهمال. لمس وليام بأم العين كيف أن “حبهما أدخل الفرح وغيّر قليلاً من جو الحزن والوجع، ونعرف جيداً أن فرحتنا ستبقى ناقصة بغياب دجو وسحر، ولكننا ندرك أيضاً أنهما سعيدان من أجلنا وسنكون أقوى معاً لإكمال ما بدأناه في مشوار العدالة”.

ستكون ماريا دافعاً ليستمر وسيكون وليام السند الذي ستتكئ عليه ماريا في مسيرتهما، قصتهما ممزوجة بالحزن، بالقهر، بالغضب، بالعنفوان، بالحب، بالأمل، وأن “ما جعمه الله لا يفرّقه إنسان”، والقضية ستبقى حاضرة في قصتهما وفي حياة كل لبناني شاهد على جريمة المرفأ.

النهار