بيروت اليوم

هذا هو مرشّح باسيل الرئاسي…

يسمع مجالسو البطريرك مار بشارة بطرس الراعي كلاماً قاسياً يطلقه بحقّ رئيس التيّار الوطني الحر النائب جبران باسيل. يتصدّر باسيل لائحة البطريرك التي تضمّ أسماء المرفوض وصولهم الى بعبدا. وفي قراءة لخارطة المجلس النيابي، يبدو مؤكداً أنّ حظوظ وصول رئيس “التيّار” الى بعبدا معدومة. فمن هو مرشّح باسيل الرئاسي؟

لا يملك باسيل مرشّحاً، ولا يدور في باله، حتى الآن، أيّ اسم. مرشّحه الفعلي هو الفراغ، وهو ما سيحصل حكماً. فلا هو سيتنازل لصالح سليمان فرنجيّة، وما كلامه الأخير لجريدة “الأخبار” سوى خطوة تكتيكيّة لن تُترجم عمليّاً، ولا سيدعم مرشّحاً من تكتّله، ولا سيجلس على الطاولة مع أحد للبحث في اسمٍ وسطيّ. كما أنّه سيمنع ولادة حكومة لا يملك فيها الثلث، ما يعني أنّ تشكيل الحكومة مستبعد تماماً.

ويعتبر باسيل أنّه صاحب الحقّ الأكبر في اختيار الرئيس المقبل، وهو ممرّ لا يمكن تجاوزه، وهو يعوّل في ذلك على دعم حزب الله. وهو مستعدّ لأيّ سيناريو، حتى الفوضى، لبلوغ هذا الهدف.

فرئيس “التيّار” يدرك أنّ بقاءه خارج بعبدا، بالجسد والتأثير، سيُفقده الكثير من المكتسبات. سيجد نفسه، بعد ٣١ تشرين الأول من دون مواكبة من الحرس الجمهوري في تنقلاته، ومن دون غطاء أمني رسمي، باستثناء أمن الدولة، في ظلّ تردّي علاقته بسائر الأجهزة الأمنيّة والعسكريّة.

ولا تستبعد مصادر مطلعة على رؤية باسيل للمرحلة المقبلة أن يكون مستعدّاً لحالة فوضى أمنيّة قد تحصل في حال بلوغ الفراغ، مع ما سينتج عنه من تردٍّ في الأوضاع الماليّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة. علماً أنّ الشارع المسيحي قد يُجرّ الى مواجهة تؤكّد معراب أنّها غير معنيّة بها، “فأيّ خللٍ أمني، إن حصل، سيتولّى الجيش اللبناني معالجته”.

وممّا لا شكّ فيه أنّ إطالة أمد الفراغ سيؤدّي الى مزيد من تحلّل إدارات الدولة، خصوصاً أنّ الفراغ قد يبلغ أيضاً بعض المواقع الإداريّة والأمنيّة، ما سيوصلنا الى فوضى شاملة لن تنتهي إلا بطائفٍ جديد، شبيه بما أُسِّس له في مرحلة ١٩٨٨ – ١٩٩٠، وهذا سيدفع ثمنه المسيحيّون قبل غيرهم، تماماً كما دفعوا الثمن بعد الحروب التي خاضها العماد ميشال عون وأوصلت الى اتفاق الطائف الذي يشكو منه اليوم، إذ قلّص صلاحيّات الرئيس وجعله عاجزاً حتى عن حلّ مشكلة النفايات!

هل هذا ما يريده باسيل؟ قد يكون الجواب إيجابيّاً أو سلبيّاً، ولكنّ المؤكد أنّ لعبة الفراغ التي يخوضها ستدخل البلد في المجهول. وممّا لا شكّ فيه أنّ الفوضى اليوم، في ظلّ الانهيار الذي نعيشه، تحمل خطورةً كبيرة، لا بل قد تشكّل الضربة القاضية للبنان الذي نعرفه، والذي يبدو اليوم غير قابل للاستمرار إلا بصيغة فدراليّة ما، مع استحالة التعايش بين ثقافاتٍ مختلفة ورؤية متناقضة.
أعان الله هذا الوطن وأيقظ ضمير مسؤوليه، ومنح الوعي لبعض الشعب الذي يسير كالغنم وراء هؤلاء. يسيرون، كالغنم، نحو الذبح الجماعي…