العالم اليوم

محررة الشؤون الدولية في صحيفة واشنطن بوست “كارين عطية” تبكي أثناء حديثها عن خاشقجي | “صديقي !”

الأنباء والمعلومات التي سربتها السلطات التركية حول مقتل الكاتب والصحافي السعودي، جمال خاشقجي، داخل قنصلية بلاده في اسطنبول، شكّلت صدمة بالنسبة لكثيرين، رغم توقعهم لهذا المصير، بمن فيهم إدارة وفريق صحيفة “واشنطن بوست”، الذين سبق أن احتضنوه ومنحوه صفحاتهم لتكون منبراً يعبّر من خلاله عن رأيه.

خاشقجي، الذي تعاطت معه “واشنطن بوست” كفردٍ من أسرتها، أوقع خبر اختفائه ومن ثم المعلومات الواردة عن مقتله، زميلته المقربة ومحررة مقالاتاه في الصحيفة، كارين عطية، في حزن وأسى بالغي العمق والاثر. فمحررة الشؤون الدولية، التي كانت معنية بالتواصل الدائم مع خاشقجي ونشر مقالاته، لم تحتمل تفاصيل الأنباء المتعاقبة منذ لحظة اختفائه. “أنا أختنق”، تقول في إحدى تغريداتها، وتشجب في أخرى قائلة: “قتلوا صحافياً لامعاً. قتلوا رجلاً لطيفاً وطيّب القلب. قتلوا صديقي”.

كارين عطية، كانت واحدة من أوائل الذين سارعوا إلى تسجيل موقف يبرز الاهتمام والتعاطف مع قضية اختفاء خاشقجي. وضمن مقال حمل عنوان “إسكات جمال خاشقجي”، تحدثت عن جمال الذي “لم يكن يريد أن يصنّف كمعارض منفي”، بل “كان يريد فقط أن يكتب وأن يكون صحافياً”. وعكست عطية مدى تقربها من أفكار خاشقجي ومواقفه، التي لا يمكن تصنيفها إلا في خانة الوطنية. فالرجل “يكّن حباً صادقاً للسعودية وشعبها”، كما أنه “يشعر أنه من واجبه أن يكتب ما يرى أنه الحقيقة حول ماضي المملكة وحاضرها ومستقبلها”.

تواصلت عطية مع خاشقجي، للمرة الأولى، في أيلول/سبتمبر 2017، من أجل كتابة أول مقالة له في “واشنطن بوست”، والتي أعرب فيها عن أسفه لأن قمع السعودية أصبح لا يطاق إلى حد أنه قرر مغادرة البلاد والعيش في منفاه في واشنطن. جذبت تلك المقالة انتباهاً كبيراً في السعودية والمنطقة المحيطة بها. وكانت أيضاً أول مقالة تترجمها “واشنطن بوست” للّغة العربية في قسم الآراء العالمية.

يوم اختفاء خاشقجي، كانت عطية تنوي أن ترسل إليه رسالة عبر “واتس اب”، للحديث عن أفكارٍ بشأن مقالته المقبلة في الـ”بوست”. لكن الحادث المفجع دفعها لمخاطبة خاشقجي من منبر “واشنطن بوست”، حيث كتبت: “جمال، إن سنحت لك الفرصة لقراءة كلماتي هذه، فأرجو أن تعلم أننا في صحيفة واشنطن بوست نسعى جاهدين لضمان سلامتك وحريتك. لن أنعم بالراحة حتى تظهر مرة أخرى آمناً وسالماً”.

بكلمات صادقة وأسلوب مؤثر عبّرت عطية بعدها عن صدمتها وموقفها وحزنها وغضبها مما حصل لصديقها وزميلها جمال خاشقجي. أطلّت عبر وسائل إعلام عديدة، لتخبر العالم عن خاشقجي الإنسان والصحافي وصاحب المواقف الوطنية. وأكّدت عبر مقابلة مع شبكة “سي إن إن” أنه كان واحداً من ألطف الناس الذين التقتهم في حياتها، مؤكدة أنها وفريق “واشنطن بوست” عاهدوا أنفسهم بأن لا يجعلوا قضيته تغيب عن الأضواء، إذ إنّ “ما أصاب خاشقجي لا يخصّه وحده فقط، بل إنه اعتداء علينا جميعاً”.

وفي مداخلة تلفزيونية مع قناة “تي آر تي” التركية، أعادت عطية التأكيد على أن خاشقجي توجه إلى منفاه في الولايات المتحدة لا ليكون معارضاً، بل صحافياً يمتلك حريته ويريد أن يعبّر عن مواقفه وأفكاره وينتقد لأجل الحقيقة.

عطية التي حاولت أن تظهر متماسكة في أكثر من مقابلة أجرتها مع وسائل إعلام أميركية وعالمية، لم تستطع تمالك نفسها في آخر حديث لها عن خاشقجي، والذي أجرته مع وكالة “رويترز”، حيث أجهشت بالبكاء، ووجهت لصديقها رسالة قالت فيها “أريد أن أخبره أنني آمل أن يكون بخير وأن يعود. لكن إذا لم يعد أقول له شكراً على كل ما فعلت، دعونا نأمل أن يحدث شيء إيجابي في هذا الأمر”. وخاطبته بالقول: “أياً كان من فعل هذا بك، لن أترك هذا الأمر، ولن ننسى ذلك مطلقاً”.

اترك ردا