بيروت اليوم

مبادرة انسانية لافتة في لبنان | اطباء، مهندسون، قضاة واصحاب شركات يؤمنون وجبات غذائية يومية للمحتاجين وثياباً ولوازم مدرسية… ‘نحن لبعض بالفعل مش بالحكي والشعارات’ !!

بات الفقر في لبنان ظاهرة اجتماعية خطيرة ومقلقة، حيث تشير جميع الدراسات الى تدهور الاوضاع الاجتماعية في ظلّ التعثّر الاقتصادي الذي تمرّ به البلاد، الا ان مدينة طرابلس تبدو الاكثر فقرا على الاطلاق بين المدن اللبنانية، حيث تشير جميع الدراسات الى ارقام مرعبة تفوق الـ 80% من الطرابلسيين الذين يعيشون تحت خط الفقر.

وامام هذا الواقع الكارثي، حيث الجوع ينخر البطون، وانين العوز يرتفع يوما بعد يوم من دون أن يصل صداه الى المسؤولين، الذين باتوا بمعظمهم يطيّبون خاطر المواطن المقهور بوعود مطمئنة عن المستقبل البعيد!

مما لا شك فيه ان مظاهر الفقر تتجلى بمئة صورة في المدينة، فما بين الاطفال الذين يجوبون الشوارع بحثاً عن “سندويشة” من أيدي المحسنين، والنساء المستعضفات وكبار السن من الرجال الذين يفترشون الطرقات حتى منتصف الليل عسى ان ينفرج همّهم بمبلغ زهيد يؤمن قوت عوائلهم، يكاد الفقر ان ينطق دمعا!

وفي مواجهة للواقع المضني الذي يحطّم مفاهيم الانسانية في العالم كله، انطلقت فكرة جمعية “فكّر بغيرك” والتي تهدف الى دعم الفقراء في طرابلس من خلال تأمين وجبة غذائية يومية لخمسة ايام في الاسبوع،

وتساهم في تشكيل همزة وصل بين مختلف الشرائح في المجتمع اللبناني، حيث ان مجموعة من المتطوعين الذين وهبوا انفسهم لخدمته من اطباء ومهندسين وقضاة واصحاب الشركات وكشفيين وطلاب وغيرهم يشرفون بأنفسهم على تحضير الوجبات وتقديمها للمحتاجين.

هذه الفكرة العظيمة شكلت بقعة ضوء وسط ظلام القهر واستطاعت ان تجذب اهتمام العديد من اهالي الخير في المدينة والقيّمين عليها، فمدّوا يد العون لإنجاح هذا المشروع في سبيل رفع بعض العبء عن هؤلاء الذين يكاد صوت الانكسار لديهم يعلو على صوت “زقزقة عصافير” بطونهم!

ودعما للمشاريع الخيرية التي تصب في خدمة الانسانية في المجتمع، أجرى “لبنان 24” اتصالا برئيس الجمعية السيد روبير ايوب الذي شرح لموقعنا بأن جمعية “فكر بغيرك” قائمة على تسعة اشخاص، اجتمعوا على حب الخير والعطاء، وأضاف بأن الجمعية تتلقى دعما لوجستيا من فئات واسعة من الطرابلسيين ما يبشّر بأن “الدني بعدا بخير”،

و قد كان الرئيس نجيب ميقاتي احد ابرز الداعمين للمشروع واحد الذين تناولوا الطعام على مائدة المحبة كما ان العديد من المدارس نظمت زيارات الى مقرّ الجمعية الكائن في مدينة الميناء، في خطوة وصفها ايوب تخفيزاً على الشعور مع الاخرين، لا سيما لدى الطلاب الذين سيشكلون رافعة للمجتمع اللبناني في المستقبل.

وأشار أيوب الى أن العمل الانساني في هذه الجمعية لا يقتصر فقط على الطعام، بل ان الابواب مفتوحة لأي مساعدات عينية من ثياب ولوازم مدرسية وغيرها في سبيل الوقوف الى جانب اولئك الذين قست عليهم الحياة وجعلتهم عاجزين عن الفرح، لافتا الى ان سعادته واعضاء الجمعية لا توصف حين يستطيعون وبالتعاون مع مختلف الشرائح الاجتماعية في طرابلس رسم الابتسامة على وجوه الضعفاء.

وتوجّه ايوب بالشكر الى كل من ساهم في انجاح هذا المشروع، ودعا كل من لم تسنح له الفرصة للمشاركة في هذا العمل الانساني الى زيارة مطعم “مائدة المحبة” في الميناء شارع مار الياس وقضاء ساعات قليلة مع الوافدين اليه من جميع الاديان والمذاهب والجنسيات، حيث اكد ايوب ان لا فرق ابدا فالانسانية لا تتجزأ و “نحن لا نسأل عن هوية”!

وتمنى ايوب أن يصار الى الحد من ظاهرة الفقر المتفشية في لبنان على وجه العموم وطرابلس على وجه التحديد، مبديا رغبته وسائر اعضاء الجمعية باستمرارية هذا المشروع وتطويره، لأن الخير لا يجب ان يموت ابدا!

المصدر : لبنان 24