منوعات

ما هو الجل المعقم؟ أيهما أكثر فاعلية في مواجهة كورونا، غسل اليدين أم استخدام المطهر؟

في ظل الصراع الذي تخوضه الشعوب والحكومات لفهم فيروس كورونا وكيفية الحد من انتشاره، ارتفعت مبيعات جل مطهر اليدين. تقول صحيفة The Guardian البريطانية، في المملكة المتحدة، باعت بعض المتاجر الكبيرة بالفعل كل ما لديها من مخزون. لكن هل يُعد جل اليدين فعَّالاً حقاً أمام فيروس كورونا؟ وإذا كان الأمر كذلك، فهل ينبغي أن نصنعه في المنزل إذا لم يكن متوفراً في المتاجر أو عبر الإنترنت؟

ما هو الجل المعقم؟
لا يُعد مطهر اليدين اختراعاً جديداً. ففي عام 1966، حصلت لوب هيرنانديز، ممرضة الطلَّاب من بيكرسفيلد بكاليفورنيا، على براءة اختراع لفكرة وجود جيل قائم على الكحول لتنظيف الأيدي عند غياب مرافق غسيل اليدين. ومع ذلك، لم ينتقل المنتج الذي يُستخدم في المؤسسات إلى شيء يحمله الجمهور معهم في كل مكان، إلا بعد تفشي جائحة إنفلونزا الخنازير H1N1 في عام 2009.

في تلك السنة، ارتفعت مبيعات الجيل والمناديل المبللة المضادة للبكتيريا في الولايات المتحدة بأكثر من 70% خلال ستة أشهر. وبحلول عام 2010، كانت تلك الزجاجات الصغيرة موجودة في كل مكان، من منضدة تسجيل الخروج في محال بيع الكتب في المطارات إلى تُجَّار التجزئة على الإنترنت الذين يعرِّضون أجهزة موزعات الصابون ذاتية التشغيل.

ولم ترتفع شعبية جيل اليدين بسبب الخوف من الجوائح فحسب. فقد دفعت الفرص المربحة لتسويقها حجم المبيعات بقوة. وهي تأتي الآن بألوان جميلة وملائمة للأطفال (الزهري والأزرق الفاتح) وبالروائح التي تُشعر بالعافية (القرفة والخزامى) والبعيدة كل البعد عن الإصدار ذي الرائحة النفاذة الموجود في المستشفيات.

هل توجد “مطهرات منزلية”؟
تطورت المطهِّرات أيضاً لتشمل مكونات أخرى نشطة بدلاً من الكحول، وهناك وصفة على الإنترنت لصنع مطهرك المنزلي. إذ إن مجلة Good Housekeeping النسائية تقترح استخدام “الفودكا”. وتمتلئ مدونات الصحة بأشياء مثل ويتش هيزل (بندق الساحرة) والصبار. ولكن هل هذه الأشياء فعَّالة في قتل الجراثيم؟

يتفق خبراء النظافة، وخدمات الصحة الوطنية، ووكالة الصحة العامة البريطانية جميعاً على أنه لقتل معظم الفيروسات، يحتاج مطهِّر الأيدي لأن يحتوي على ما لا يقل عن 60% من الكحول (يحتوي معظمها على 60-95%). وبالنسبة لأصحاب البشرة الحساسة، هناك الآن خيارات لا تحتوي على الكحول. وعلى مدى عقود، توفرت أيضاً إصدارات مصنوعة من عامل قوي آخر مضاد للجراثيم، مثل التريكلوسان، الذي يمكن العثور عليه في كل شيء، من الصابون إلى معجون الأسنان.

ومع ذلك، وجدت الأبحاث أن التريكلوسان قد يكون ضاراً بالغدد الصماء في الجسم. ولذلك حظرت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية استخدامه في منتجات النظافة في نهاية عام 2017.

تقول سالي بلومفيلد، الأستاذة في كلية لندن للصحة والطب الاستوائي، إن الفيروسات أكثر مقاومةً للمطهرات من البكتيريا. لكن لحسن الحظ، تقول إن فيروس كورونا فيروس مُغلَّف، بمعنى أنه يملك غلافاً من حوله يُمكن للكحول مهاجمته، وبالتالي القضاء على التهديد (على عكس النوروفيروس والفيروس الأنفي).

يعني هذا أيضاً أن صنع مطهرك المنزلي، بالرغم من أنه يمكن أن يكون فعالاً أمام بعض البكتيريا فقط، فهي خطوة لا تُوصي بها بلومفيلد. وتقول: “هذا تصرف غير حكيم، بل وخطير للغاية”. إذ تحتوي منتجات المتاجر على مرطبات لجعلها أكثر نعومة على البشرة، وبدونها فأنت تُخاطر بإيذاء يديك. ومن الصعب للغاية إعداد المزيج الصحيح في المنزل؛ لذلك ننهى عن هذا الأمر كثيراً.

هل تستطيع المطهرات القضاء على الفيروس؟
يتعلق أهم شيء بمتى ينبغي استخدام مطهر اليدين. يُعد الكورونا مرضاً جديداً؛ لذا لا يعرف أحد طريقة انتشاره بالتحديد. ووفقاً لخدمات الصحة الوطنية، يُحتمل أن تكون وسيلة انتقاله هي رذاذ السعال الذي ينتشر من شخص لشخص، ومن غير المرجح أن تكون الأشياء، سواء كانت الطرود أو الطعام.

تنصح بلومفيلد بغسل اليدين بالماء والصابون عندما تعود إلى “مكانك الآمن”، الذي تعني به منزلك أو مكتبك أو محل عملك، أو مقعدك في القطار أو الطائرة على سبيل المثال، أو يمكن استخدام جيل اليدين عند تعذر ذلك. وتجنب لمس أي شيء لا تحتاج للمسه، وكن متيقظاً لما تلمسه، مثل مقابض الأبواب وأعمدة الحافلات، وإذا لم تستطع غسل يديك أو استخدام الجيل بعد ملامسة هذه الأشياء، فلا تلمس وجهك.

يحتاج الفيروس لمضيف، أي خلية حية، ليتكاثر؛ لذا لا تفرك عينيك أو تلمس فمك أو أي جروح إن كانت يداك غير نظيفتين. ابق يديك بعيدتين إلى أن تصل إلى جيل أو تتمكن من غسلهما.

لماذا الماء والصابون هو الخيار الأفضل؟
أفضل خيار هو الماء والصابون. فوفقاً لدراسة أجرتها الجمعية الأمريكية للميكروبيولوجيا في عام 2019، فإن استخدام الماء الجاري والصابون لغسل يديك أكثر فعالية من قطرة جل مطهر لم تفركها جيداً.

يمتلك الصابون خصائص معتدلة مضادة للجراثيم، ولا يقتل الفيروسات، لكنه يزيل الأوساخ؛ لذا بلل يديك بالماء، وافرك الصابون عليها جيداً من الجهتين وبين الأصابع وتحت الأظافر، يداً تلو الأخرى. بعد ذلك، اشطفها جيداً بالماء الجاري. إذ إن مفتاح التخلص من الفيروسات، هو شطف اليدين جيداً بالماء. ثم جفف يديك جيداً بالمنشفة.

قد يبدو هذا عكس البديهي، لكن دراسة نُشرت عام 2012، في المجلة الطبية Mayo Clinic Proceedings، خلُصت إلى أنه من ناحية النظافة الشخصية: “تتفوق المناشف الورقية على المجففات الهوائية”. وذلك لأن المناشف تجفف يديك أسرع وأكثر شمولاً من المجففات، ولأن التلوث يقع للأيدي الرطبة أكثر من الجافة.

وتقول ليسا آكرلي، الطبيبة المتخصصة في الصحة البيئية، إن انخفاض مخزون مطهرات الأيدي يعد مشكلة، لكنها تُحذِّر من الشراء بهلع. فأولاً، لا تحتاج لاستخدام كمية كبيرة، وزجاجة صغيرة ستبقى طويلاً.

الاستخدام المعقول للمطهر
في الحقيقة، قال المتحدث باسم شركة Kao Corporation للمنتجات الكيماوية في الأسبوع الماضي إن الإفراط في استخدام جيل اليدين قد يسبب تهيجاً جلدياً وحساسية بسبب جفاف البشرة وإزالة الزيوت الطبيعية. وتزيد البشرة المتضررة من خطر الإصابة بالعدوى؛ لذلك فمن الأفضل استخدام مطهر اليدين، مثله مثل كل شيء آخر، باعتدال، وحين يكون خيار غسيل اليدين غير متاح.

وعلى حد تعبير بلومفيلد، لا يتعلق الأمر بالتصرف بارتياب مرضي، بل تُشبِّه العملية باللقاحات أو ارتداء أحزمة أمان السيارة: فالأمر يتعلق بالانضباط. ومع تناقل أخبار تفيد بأن بعض الشركات حظرت المصافحة وغيرها من الملامسات الجسدية في محاولة لتجنب فيروس كورونا-19، فتلك ليست إرشادات رسمية.

يستحيل الامتناع عن الانخراط في العالم؛ لذلك عليك فقط توخي الحذر والمحافظة على نظافة يديك بشكل منهجي. تقول بلومفيلد: “إذا تمسك الجميع بالنظافة الجيدة، فستضمن قدر الإمكان من أنك لن تلتقط الفيروس، وفي حالة التقطته على غير المرجح، ستضمن أنك لا تنشره”.

المصدر : عربي بوست