بيروت اليوم

مآسٍ في المستشفيات بعد انفجار التليل | حكايا بالدموع… إنها محرقة وأكثر

كتبت زيزي اسطفان في “الراي” الكويتية: هو عويل الأمهات وأنين الآباء يملأ ليل لبنان من جديد ويهزّ القلوب والضمائر… عويل لا يكاد يستكين حتى يعود ليصم

الآذان من جديد وكأنه كُتب لهذا البلد ألا يعلو صوتٌ فيه فوق صوت الموت والألم وألا تسوده صرخات إلا شهقات الحزن والأسى والغضب المتفجر. 28 ضحية جديدة

و نحو 80 جريحاً حصدهم انفجار الجشع والإهمال تاركاً شبابهم في قبضة الموت احتراقاً وتفجراً، ومحوّلاً قلوب أهاليهم وعائلاتهم شعلة ملتهبة تحترق كما احترق

أبناؤها. بلمحة عين، تحوّل ذلك الحشد من الشبان المندفعين في التليل العكارية الذين تركوا منازلهم الآمنة في منتصف الليل للحصول على «جرعة» وقود تسير

حياتهم وحياة عائلاتهم، الى ضحايا سُلبت منهم حياتهم عنوة وتناثرت جثثهم المتفحمة والمحترقة في أرجاء المكان. إنها الكارثة التي بلحظات ظنّها المجتمعون

لحظات انتصار على الجشع والقلة والإهمال، وغلَبة للقانون على التهريب والاحتكار. من القرى المجاورة تداعوا واجتمعوا حول الخزان الذي يعدهم بوقود ظنوا انه

وقود الحياة والعمل فإذا به «وأد» لأجسامهم وأرواحهم. المجزرة حلت في التليل في عكار المنطقة النائية البعيدة عن المستشفيات، وحجم الكارثة كان أكبر من

أن تحتمله المنطقة وعدد الضحايا والمصابين أكبر من أن تتسع له مستشفيات المنطقة والشمال، وحروق المصابين أعمق وأوسع من أن يستطيع مستشفى

غير متخصص التعامل معها. حتى أن بعض المستشفيات رفض استقبال المصابين الذين يعانون من حروق بالغة لعدم قدرته على تقديم العلاجات الضرورية لها

وفي أحد مستشفيات عكار، قال الموظف ياسين متلج لفرانس برس إن الجثث «محترقة إلى حد لا يمكننا التعرف إليها. بعضها بلا وجوه وبعضها بلا أيادٍ». الأهالي

المفجوعون هرعوا الى مكان الحادث ليصدموا بهول ما رآوه: جثث تملأ المكان ومصابون محروقون وجرحى لا يجدون من ينقلهم الى المستشفيات. شدة الحروق

منعت بعض الأهالي من التعرف الى أبنائهم وبعضهم لم يعرف مصير أبناء له نقلوا الى مستشفيات بعيدة. وبين الخوف والأمل بدأ مشوار جديد لأهالي الضحايا

هم الذين كانوا حتى الأمس يصلّون لأهالي ضحايا انفجار الرابع من آب 2020 ويتضامنون معهم.