بيروت اليوم

لبنان المتعثر مالياً غير مستعد لمواجهة كورونا

رأت الصحافية بيتسي جولز في تقرير في مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية، أن لبنان عاجز عن مواجهة فيروس كورونا في ظل إشراف البلاد على الإفلاس وافتقارها إلى العملة الصعبة.

وانتشرت المخاوف من كورونا في الشرق الأوسط، بعدما سجلت إيران أعلى نسبة وفيات بالفيروس خارج الصين، هذا الأسبوع.
وتظهر نسبة الوفيات العالية أن انتشار الوباء أوسع بكثير من الأرقام الرسمية. وحظرت السعودية استقبال الحجاج في مكة، والمدينة. وسجل لبنان 14 إصابة مؤكدة حتى الآن، خاصةً في عائدين من إيران. ويأتي هذا التهديد في وقت حرج للبنان، الذيي يقترب من الإفلاس ويشهد منذ بضعة أشهر تظاهرات مناهضة للحكومة.

أسوأ أزمة اقتصادية
ويعاني لبنان أسوأ أزمة اقتصادية منذ الحرب الأهلية بين 1975 و1990، مع اقتراب استحقاق الوفاء بـ 1.2 مليار دولار مقابل سندات “يوروبوندز” في 9 مارس (آذار) الجاري. وإذا أعلنت الحكومة تعثر الدفع، فإنها قد تتتعرض إلى ضربة قوية أخرى.
ويحد هذا النقص المالي من قدرة البلاد على مواجهة كورونا، ومن توظيف ما يكفي من العمال الصحيين لإجراء فحوص في المطار، وتجهيز المستشفيات بمعدات متخصصة، وأجهزة للتنفس في أماكن الحجر.

ومن شأن توفير مصادر بشرية ومالية لمعالجة الحالات المستعصية، زيادة الضغوط على نظام صحي يعاني أصلاً من الضعف.

استيراد المنتجات الطبية
وذكّرت الصحافية بأن الوضع الاقتصادي يرهق في الأساس قطاع الرعاية الصحية العام في لبنان، فتجار الأدوية يعجزون عن استيراد المنتجات الضرورية بسبب نقص الدولار الناجم عن بطء ضخ العملية الأجنبية إلى القطاع المصرفي.

ولفتت إلى أن الرعاية الصحية، هي واحد من المطالب التي رفعها المتظاهرون، ويندد العاملون في القطاع الصحي بالفساد، ولامبالاة الحكومة عندما يتعلق الأمر بتزويد المستشفيات بحاجاتها.
واستناداً إلى منظمة هيومان رايتس ووتش، يحتج الأطباء على إخفاق الحكومة في دفع المستحقات للمستشفيات في مقابل الخدمات التي تقدمها إلى منتسبي الضمان الاجتماعي، وصندوق الضمان الصحي للعسكريين.

تعقيدات نظام الرعاية
ولفتت إلى أن الإجراءات المتخذة لمنع انتشار الفيروس في لبنان تظهر تعقيدات نظام الرعاية الصحية. وهناك مصادر محدودة على صعيد إجراءات العزل للذين تظهر عليهم أعراض الإصابة، وفق المتخصص في علم الأوبئة والمستشار في وزارة الصحة العامة سليم أديب.

وستكون الأسابيع القليلة المقبلة حاسمة لمعرفة قدرة النظام الصحي على معالجة انتشار الوباء. ويقول أديب: “لا توجد سيولة لفعل أي شيء، بما في ذلك إجراءات حكومية صحية إضافية…وإذا احتجنا إلى الحجر على الكثير من الأشخاص، فلن نتمكن من ذلك”.

أداء حكومي مفكك
وأشارت إلى أن مشكلة الموارد المحدودة تتضافر مع أداء مفكك لحكومة في تغيير مستمر. ومنذ الاحتجاجات المناهضة للحكومة التي بدأت في أكتوبر(تشرين الأول) 2019، خضع لبنان لإعادة هيكلة سياسية، استقال رئيس الوزراء سعد الحريري بعد أسبوعين من انطلاق التظاهرات. وشكل رئيس الوزراء الجديد حسان دياب حكومة في يناير(كانون الثاني) الماضي، منهياً ثلاثة أشهر من المأزق السياسي، ويسيطر عيها حزب الله وحلفاؤه.

وتزامن الإضطراب السياسي مع انتشار كورونا. وفيما تركز القيادة اللبنانية على إعادة الهيكلة السياسية والأزمة الاقتصادية، تفوتهم فرصة حاسمة لإعداد خطة طارئة لمواجهة الأزمة الصحية، خطة كان يجب أن تتضمن إجراءات لتحمل حجر صحي على أعداد كبيرة، ومراقبة العائدين من الخارج خاصةً من دول يتفشى فيها الفيروس، وذلك وفق فادي الجرادلي البروفسور في الجامعة الأمريكية في بيروت، الذي اعتبر أن “هذا الأسلوب لن ينجح في المعالجة”.

وقد طلب لبنان مساعدة منظمة الصحة العالمية لبناء منشآت للحجر الصحي. لكن مكافحة الوباء تتطلب تنسيقاً من الحكومة لم يظهر حتى الآن، وفق ما يقول الجرادلي.

المصدر : 24