المصدر : عبير محفوظ

“مش هينة تكون لبناني”…. أراد مطلقوها أن تكون حملة دعم وترويج للحياة في لبنان، لتبعث العزيمة والأمل في نفوس المواطنين وتحثهم على التشبث والاحساس بالأمن والأمان الاقتصادي والاجتماعي… ولكنها كانت من أصدق العبارات فعلاً…. فحياتك في لبنان مع من تحب هي مغامرة محفوفة بالمخاطر والمعاناة اليومية مع الأمراض…. وكأن ما بأطفالنا من هم لا يكفيهم حتى يقتلهم السرطان الخبيث الذي وجد في دولتهم “الكريمة” داعماً قوياً…. فهي التي ترعى التلوث وتقوننه ليصبح هواؤنا ساماً ومياه أنهارنا قاتلة…. تتلوث أطباقنا اليومية بسموم المبيدات ويقتلنا “اللفت” و”الفستق”…. لا أموال ولا ميزانية…. فموتوا يا شعب لبنان العظيم… موتوا أنتم وأطفالكم ليحيا الدمار والفجيعة….

هو القدر… هي مشيئة الله ونعم بالله… بل أكثر… هي نعمة من الله أن ينظر الى قلوب أطفالنا وشبابنا فيجدها أنقى وأطهر من أن تكبر لتعاني أكثر في هذا الوطن فاجتباها الى جواره…..

الأربعاء خطف السرطان الشاب محمود بعلبكي (17 سنة، من بلدة سلعا الجنوبية)…. محمود الذي عانى من السرطان ما عانى ولكن ما قتله حزناً ربما هو اعلان الوزارات أن ميزانية “علاج السرطان في لبنان” هي صفر…. واليوم قتل سرطان الدم الطفلة آية طيراني (12 سنة، من النبطية الفوقا)…. آية التي باع أهلها كل أملاكهم ليؤمنوا كلفة علاجها ولم يفلحوا…. ناشدوا اصحاب الايادي البيضاء مساعدتهم لتأمين 80 ألف دولار كلفة عمليتها لزراعة نقي عظام… الخبر الذي ضجت به مواقع التواصل كافة لم يصل الى الوزارات المعنية…..

في خزنة دولتنا التي لا حصة لمرضى السرطان من أموالها، تصرف عشرات آلاف الدولارات لشراء السيارات للوزارات… تدفع مئات آلاف الدولارات لنوابها ووزرائها ولمرافقيهم لتمضية إجازات سعيدة في الاعياد المجيدة خارج البلاد…. في دولتنا المفلسة، أموال للقيمين على سكة الحديد وما من سكة حديد… أموال لهيئة البترول والغاز ولم نستخرج منه قطرة بعد….. في دولتنا، يجب أن يموت القراء ليحيا أغنياء الوطن…