بيروت اليوم

عن معاناة مريم كإمرأة وأمّ لبنانيّة ومخاوفها حيال المحاكم الدّينيّة | هل أمنح إبنتي جنسيّتي؟

كتبت الصّحافيّة مريم ياغي عبر حسابها الرّسمي على موقع “فيسبوك” منشورًا لمناسبة يوم المرأة العالمي تحدّثت فيه عن تجربتها كإمرأة لبنانيّة،

مع التّعليم الجامعيّ وفرص العمل و”المحسوبيّات” وحقّها كإمرأة بإعطاء الجنسيّة لابنتها “العراقيّة”، إضافة الى تخوّفها من مواجهة مصير كثير من النّساء اللّبنانيّات في ما يخصّ مواجهة المحاكم الدّينيّة الّتي تتفرّد بتقرير مصيرها كأم وحضانة ابنتها، في ظلّ عدم تدخّل الدّولة بالأمر.

في ما يلي نصّ المنشور:

“حسنا…
هل امنح ابنتي #جنسيتي ؟
لا أدري إن كان علي أن أسجل اعتراضي على عدم منح ابنتي #الجنسية_اللبنانية. لا زلت حتى اليوم أنتظر أن أتباهى بإنجاز لبناني عدا المقاومة.

تخرجت من الجامعة اللبنانية الحكومية باختصاصات ثلاثة، وأرسلت مئات النسخات من سيرتي الذاتية ولم ألق إلا العدد الخجول من الاتصالات لمقابلات العمل.

استطعت في المراحل السابقة أن اكمل دراستي الجامعية التي تعد شبه مجانية، في الجامعة الحكومية. اعتبار العلم شبه مجاني في دولتنا امر مضحك، عليك ان تجد عملا في البداية حتى تنظر الى “المبلغ الرمزي” على انه رمزي، كل ما عدا ذلك هو تكلفة باهظة للعاطل عن الأمل بدولته.

ينصحني البعض بأن أستغل معارفي: عندك معارف اد الدني الحق عليكي ما بتطلبي منن، وأنا أنصحهم بأن لا يتعبوا دماغهم بإقناعي بما يخالف مبادئي.
المحسوبيات ليست للمجتهدين وأنا اعتز باجتهادي.

أنا لبنانية منذ واحد وثلاثين عاما، أمرض في الكثير من الأحيان، لكنني أضطر للبحث في علوم الطب التقليدي لعلاج الكثير من العوارض التي تصيبني. لا طب مجاني لدينا،

ولا دعما حكوميا حقيقيا لأسعار الادوية، ولا تناسبني مشقة التوسل للحصول على سرير تقدمه وزارة الصحة. الضمان الصحي لا يغطي كل الامراض، والحصول عليه مرتبط بوظيفة او دراسة. اللهم لا تحوجنا لمن لا يرحم ضعفنا.

انا أم لطفلة عراقية، وامرأة مطلقة، لا قدسية لامومتها في بلدي لمجرد انه يحتكم لقوانين المحاكم الدينية الممتلئة بالقرارات الاستنسابية والمرتكزة على الاحكام البطريركية، عرفا وقانونا.

يقال، خطين تحت “يقال”، بأن حضانة ابنتي ستنتقل الى ابيها عند السابع من عمرها، والقانون في بلدي يقول بأن هذا الامر شأن القاضي في المحكمة الجعفرية، لا شأني ولا شأن ابنتي ولا شأن القدسية التي أدعيها حول الامومة.

الحمدلله انها فتاة، والا لكان حقي سينحصر بالسنتين. مقدار حاجة الابن للرضاعة!!! هههه ان الامر مضحك فعلا! ما أشنع أحكام المحكمة الجعفرية وما أجبن دولتي أمام الطوائف.

حسنا، كل ما في الامر ان هذا ما “يقال”، وانا لست من دعاة التلقين ولا ممن يلتزمون بالاحكام المطبوخة سلفا لغاية في نفس القاضي.

نقطة مهمة! طفلتي ابنة امها وابيها، وكلانا لنا الحق بالحضانة، ومطالبتي لا تعدو كونها دقا على نواقيس الخطر المتدفق من الاحكام الشرعية والاعراف الخانعة، وليس تنكرا لقدسية الابوة.

بالمناسبة، أنا كأم لم احتكر أمومتي لمجرد التحدي على غرار الصلاحية الكيدية التي تمنحها المحاكم الدينية للرجال. هي ابنتي ومطالبتي بالاشتراك الدائم بحضانتها هو من بوابة حاجة ابنتي لي. استقرار ابنتي معنويا ونفسيا هو كل ما يعنيني. لم أستخدم ابنتي يوما للكيد،

لم “استأجر” من يعينني على مواكبة حاجاتها، ولم “أتمتع” بحجة أن أمر التربية بمفردي صعب، ولم أبحث في الشرع على ثغرة اشبع بها تسلطي، لإيماني بأن الأمومة الخالصة هي السلطة المطلقة.

دولتي تقول ان هذا الامر شأن خاص لا علاقة لها به، وحدها المحاكم الشرعية من تقر بها.
في الحقيقة، أنا أتمنى أن تحمل ابنتي هويتي، ولكنني لا زلت أبحث عن امتياز من دولتي يجعلني أتمسك بهذه الأمنية!
المقاومة؟ النضال؟ الثورة؟ هل هذا كل ما سأورثه لابنتي؟!

على أي حال، حتى لو لم يحدث ما نتمنى نحن الامهات لأطفال من جنسيات اخرى، وحتى لو لم تعترف دولتنا بحقنا بمنح الجنسية اللبنانية لأطفالنا، فأبناؤنا بطبيعة الحال لن يعترفوا بغير أرحامنا أوطانا.

أنا المرأة، أنا الأم،
أنا من قيل بأن الجنة تحت قدمي! تحت قدمي! أسمعت أيها الرجل؟ أسمعت أيها القاضي؟
حسنا، تأمل الأمر قليلا، وتصور أنك من فرط عدلك وإيمانك ستدخل الجنة!!! أين ستكون؟!!

يوم المرأة العالمي”.

المصدر : الجديد