بيروت اليوم

عن الشابة الجنوبية ريان (16 سنة) | عاشقة النجوم…نالت شهادتها الأولى، فخانها قلبها بين أحضان والدتها

عبير محفوظ-عبد الاله وهبي

قبل أيام قليلة، رحلت “ريان”.. وضبت في حقيبتها أحلاماً كثيرة نسجتها لحياة تمنت أن ترصعها بنجوم النجاح تماماً كتلك النجوم التي لطالما بهرتها في حالك السماء… وكمسافر يسابق الزمن في دنيا الأوهام، جمعت ابتسامتها الساحرة من عيون محبيها…اختزنت في قلبها الرقيق لحظات حلوة عاشتها معهم….سقت برقتها أحلاماً هانئة لطالما دغدغتها وامتطت قسوة الفراق ورحلت… فغسقت الأيام وبرد قيظها….وعصفت رياح الوداع بموقد الحسرة حتى تأجج جمر اللوعة وأحرق ما بقي في نفوس الأحبة من أمل…

يوم الثلاثاء مشى في موكب تشييع الشابة ريان وهبي (16 سنة) أهلها وأفراد عائلتها وكل من أحبها وهم كثر في بلدتها محرونة الجنوبية والبلدات المجاورة… ورافقهم من منزلها الى مثواها الأخير ملاك من حزن وأسى وصدمة وذهول… فعلى هذه الطريق مشت ريان تتهادى، أميرة أنيقة…. فريان، كما أخبر أحد أقربائها “موقع يا صور”، “دائماً ما كانت تعشق الأناقة والترتيب في كل تفاصيل حياتها…فهي على صغر سنها، لطالما كانت تختار كلماتها وعباراتها بتأنٍّ وكانت تحرص على أن لا تترك في نفوس الجميع إلا الأثر الجميل… ودائماً ما كانت تحب أن تخرج متأنقة بأبهى حلتها، فكانت كلما خرجت من منزلها الى منزل الجيران، أو الى الدكان، الى المدرسة أو الى أي مكان كان، كنت تحسبها تخرج مع صديقاتها يومياً إلى مناسبة تشترط الزي المثالي…”

كيف لا وهي البنت الوسطى لعائلة السيد شكر الله نعمة وهبي وزوجته السيدة رندا وهبي…رزقا بها بعد أن أنم الله عليهما بابن وابنة كانت ريان ثالثتهما…”ولكن ريان كانت مميزة بكل تصرفاتها، حتى بعد أن رزقا بصبيين آخرين… فريان كانت دائماً الطفلة المرهفة المشاعر والأحاسيس التي لطالما كانت تعشق تأمل السماء ونجومها ليلاً… ولأن الطيبين دائماً ما ينأون بأنفسهم عن بشاعة الدنيا، كانت ريان تحب النوم…. فصح أن يقال عنها، “الأميرة النائمة”…

ثم تغرورق عينيه بالدموع…. بين دموع الاعتزاز بطيبتها ورقتها ودموع الشوق واللوعة من فراق لن يتخطاه الزمن… “رغم ذلك،كانت تسعى ريان لتكون متميزة أكاديمياً أيضاً… فبعد نجاحها في الشهادة المتوسطة البريفيه، كانت تتشوق لتلتحق بالمدرسة الثانوية وتخطو نحو مستقبل باهر مسلح بالعلم والثقافة ولكن… خانها قلبها… فكل الطيبة التي اكتنزتها فيه لم تشفع لها…. ضعف القلب وخفت نبضاته… سارع بها أهلها الى مستشفى السانت جورج في الجعيتاوي، حيث دائماً ما كانت تقاوم ببسمتها الرقيقة من أجل أحبائها…. ولكن كان توق روحها الى جنان السماء أقوى، فأسلمت الروح وهي بين أحضان أمها التي ما فارقتها برهة”…

على عجل، رحلت الأميرة النائمة “ريان” قبل أن تفتح عينيها على مآسي الدنيا وما فيها…. اليوم سيحيي أهلها وأبناء بلدتها ذكرى وفاتها ولكن…. ستحيا ذكراها في جرح الفراق، الذي كلما مر الزمن، زاد ألماً وأنيناً… كذُب من قال أن مصيبة الموت تبدأ كبيرة ثم تصغر….فآثار ألم الوداع الأخير لا تظهر دفعة واحدة بل تظهر تباعاً لتجدد مآسي الفاجعة… كلما مرت جميلة الوجه، سيذكرها الأحبة….كلما لمعت ابتسامة على ثغر، سيفتقدها الأعزة…ولكن عزاءهم أنها رحلت مبتسمة عروساً للسماء طاهرة النفس كثوبها الأخير…

اترك ردا