بيروت اليوم

عندما انهار سقف الإهمال… والد ماغي محمود | ‘نشّفتلي قلبي هيدي دلّوعة البيت’

من أهلها، غريبة حالة الإنكار التي يعيشها المسؤولون الذين ينتمون إلى أفقر مدينة، مع أنّهم الأغنى على الإطلاق!

يبكي والدها محمود محمود بحرقة، عاجز عن استيعاب هذه الفاجعة، يقول لـ”النهار”: “نشّفتلي قلبي، هيدي دلّوعة البيت.” أيعرف أنّ كلّنا بكى ماغي بحرقة لأنّها توفيت ظلماً، وعمرها سُرق عنوة بينما عائلتها تكافح وتقاتل يومياً حتى تنهي دراستها. أيعرف أنّ السقف الذي سقط على ابنته أسقطنا جميعاً في هاوية الخوف والقلق من الغد، في بلد يئنّ فساداً وإهمالاً واستهتاراً؟!

يعترف محمود بعدم استيعابه ما حصل، “وشو نفع شوف مين السبب، ما بقي يفيد شي، هيدا البلد هيك”. مجرمون لأنّهم أوصلونا إلى هذه الدرجة من اليأس والاستسلام، اليوم قتلوا الفرحة في قلب محمود، لكنّهم لن يتركوه وحيداً، لقد تسابقوا على إصدار الاستنكارات والتعازي، وإعلان الحداد في طرابلس على روح ماغي. غداً ستقفل المدارس أبوابها ولكن هل سيكلّف أحد نفسه عناء البحث عن سقوف أخرى قابلة للسقوط في أيّ لحظة؟”

وفاة ماغي عرّى الدولة أكثر، غياب الصيانة والمتابعة الدائمة للبنى التحتية للمباني التعليمية الرسمية كشف عن أنيابه بأسوأ طريقة. كان الثمن غالياً، فخسارة ماغي التي لم يتسنَّ لها أن تحقق أمنية والدتها في رؤيتها “دكتورة”، هي التي ودّعتها ككلّ يوم، بدعوة أم قائلة لها: “انتبهي على حالك وركزي مع المعلمة منيح… إن شاء الله بشوفك أهمّ دكتورة بالبلد… ما تتأخّري بعد الضّهر، عاملتلك أكلة بتحبّيها كتير!”.

قتلوا حلم ماغي وقتلوا عائلتها، سقوف الموازنة لا تسمح بتأهيل المدارس الرسمية، لكنّها تسمح في سقوط سقف الصفّ على الطلاب. إنّها جريمة موصوفة يجب أن يُحاسب عليها كلّ مسؤول من صغيرهم إلى كبيرهم، ففي بلد يموت أهله لتعليم أولادهم يأتيك الموت بوجه مقيت آخر، ويحمل أبناءه جثثًا هامدة بين سيول جارفة وسقف مهترئ.

كان لدى ماغي الكثير لتحلم به، كانت ذكية وطموحة، فعذراً يا ماغي لأنّنا قتلناكِ باستهتار المسؤولين وتقصير كثيرين، ودعوتنا في نهاية النهار أن “ترقضي بسلام”، هذه مهزلة الدولة!

المصدر : النهار