بيروت اليوم

صحّة المرضى بخطر ومصيرهم رهن تيّار كهربائي في تقنين مستمرّ!

هو قدرٌ “حتّم” على المواطن اللّبناني العيش في أسوأ الظروف التي تُهدّد حياته اليومية وتضعه رهينة أوضاع إحتماعية تتلألأ من سيىء الى أسوأ، فتعايش معها بما أنّ لا حول ولا قوّة…

إنمّا وتيرة الإنهيارات التي تسود لبنان في السنتين الأخيرتين، تتصاعد بشدّة لدرجة عدم قدرة المواطن على تحمّلها أو حتّى استيعابها بما أنها تهطل كالمطر… فلبنان يعيش شتاء، أمطاره مشاكل وانهيارات اقتصادية واجتماعية جمّة!

 

وصل اللّبنانيّ حتماً الى أعلى درجات سلّم الإنهيار، خاصّة مع دقّ ناقوس الخطر الطبّي الذي يعاني في كافّة مجالاته خاصّة وأنّه مُرتبط بقطاعات أخرى… فالمشكلة الكبرى اليوم هي أزمة الكهرباء ومدى تأثيرها على القطاع الصحّي.

مدير عام مستشفى رفيق الحريري

يرفع الصوت…

دقّ الدكتور فراس الأبيض، مدير عام مستشفى رفيق الحريري الحكومي، ناقوس الخطر المُستجدّ الذي يُهدّد حياة المرضى والمواطنين وهو أزمة المحروقات وتأثيرها السلبي على واقع المستشفيات التي تُعاني أصلاً من نقص حادّ في المعدّات وأتت أزمة الكهرباء والمحروقات لتقضي على ما تبقّى من محاولة انقاذ حياة المواطنين، وقال ل «الديار»: «الأزمة المستجدّة خطيرة جدّاً على حالة المرضى الذين يفترشون المستشفيات، فالمعدّات بحاجة لتيّار كهربائي، كذلك برّادات الأدوية وغيرها، ومن يُعوّل على المولّدات الخاصّة بالمستشفيات، فلا شكّ بأنّها أيضاً غير قادرة على استيفاء الواجب بسبب النقص في مادّة المازوت وارتفاع سعره، فالمستشفيات بحاجة مُلحّة للتيّار الكهربائي وإلا حياة المواطنين المرضى ستكون في خطر أكبر».

وعن سُبل حلّ هذه الأزمة في المستشفيات وكيفية مُعالجتها، ناشد «جميع المسؤولين عامّة ووزارة الطاقة خاصّة بالتسريع في إيجاد الحلول لأنّ صحّة المرضى في خطر، فالمرض لا ينتظر تيّارا كهربائيا، ولا الأدوية تنتظر صلاحيتها، والأسوأ عامّة مع انتشار «مُتحوّر دلتا» ومع اقتراب لبنان من فصل الخريف، وهو فصل الأوبئة والأمراض، فمن المتوقّع الزيادة في أعداد إصابات كورونا من جهة والرشح من جهة أخرى، فالمشكلة بحاجة الى حلّ جذري، والحلّ بيد وزارة الطاقة ووزارة الصحّة!».

 

حاولت الديار متابعة القضية مع وزارة الصحّة التي أكّدت مصادرها أنّ المشكلة وطنية جامعة وهي في صدد متابعة الحلّ مع وزارة الطاقة، على أمل الإنفراج القريب لأنّ الوضع دقيق لناحية صحّة المرضى المُهدّدة بالخطر وعدم قدرة مولّدات المستشفيات على تغطية انقطاع التيار الكهربائي الذي يشهد تقنيناً مُتصاعداً».

في الجهة المقابلة، أشارت مصادر وزارة الطاقة لـ «الديار» أنّ العمل على إيجاد حلول للأزمة في سيره المستقيم خاصّة وأنّ الحكومة تعمل على الحلّ ولو ببطء، إلا أنّ الأيدي ليست مكتوفة، ولا يُمكن للوزارة أن تُزوّد المستشفيات دون سواها بالتيّار الكهربائي أو بالفيول، فالعملية مُرتبطة بالوطن ككُلّ».

حياتياً، خليل (55 عاماً) مريض كِلى، يخضع لجلسات غسيل الكِلى مرّتين الى ثلاث مرّات في الأسبوع، يروي للديّار مُعاناته الأسبوعية:» أواظب على جلسات غسيل الكِلى منذ أكثر من 7 سنوات، ما يستوجب أن أخضع لها مرّتين الى ثلاث مرّات في الأسبوع، إلا أنني اليوم وكِليتيّ رهينة تيّار كهربائيّ مفقود في المستشفى بسبب التقنين، ورهينة جدول المستشفى الذي يسري مفعوله بعد إراحة موّلدها الخاصّ، فبُتّ أخضع للجلسات مرّة الى مرّتين فقط في الأسبوع الأمر الذي يؤثّر بطبيعة الحال سلباً على حالتي الصحيّة، فهذا هو لبنان، وهكذا اعتدنا أن نعيش فيه، مذلولين، مكسورين، مسلوبة كرامتنا رغماً عنّا كي يحيا الزّعيم، والزعماء في بلادنا كُثر، يمرّون فوق جروحونا كي يبنوا ثرواتهم وعروشهم الهشّة… فأين هم من دعوات أمهّات الأطفال التي يعاني أبنائها من الأمراض والتي إن وجدت الدواء، يفقد صلاحيته ويُتلف مع غياب التيار الكهربائي؟ أين هم من عذاب الضمير تجاه شعب لم يعرف الهناء في لبنان يوماً؟

آمل في إيجاد حلّ قريب كي يتسنّى لي مُتابعة علاجاتي، والمحافظة على صحّتي مع أني شبه متأكّد أنّه لا أمل… الأمل مفقود، والمواطن وحده الذي يبحث عنه، لكن دون جدوى…!».

عبثاً يُحاول المواطن في لبنان أن يحظى بالسلام العامّ، فالخضّات والنكسات باتت واحدة من أفراد العائلة، تعيش معه، تتشارك يوميّاته التي تمرّ مُتشابهة، كئيبة، حزينة على أيام تمضي كان من المُفترض أن تكون أفضل الأيام، الا أنّ في لبنان، نعيش دائماً أجمل سنين عمرنا في أسوأ الأوضاع.

فإلى متى ستبقى المعاناة قابعة في حياة المواطن؟ وهل سيضيء التيّار حياة المواطنين الصحّية والنفسيّة…؟