بيروت اليوم

حمزة محمد علي | شهيد لقمة العيش يطهر بدمائه الزكية نجاسة دولة تخسر أبناءها باهمالها

المصدر : عبير محفوظ – وسام نبهان

“شهداء لقمة العيش المغمسة بالدماء”…هي عبارة أوهن من أن تصف بعضاً من معاناة شبان قضوا أمس على طريق أبلح-نيحا البقاعية في حادث سير مروع بين فانين لنقل الركاب وسيارة راح ضحيته 4 جرحى و18 جريحاً، بينهم 5 في حال الخطر….

ستغزو صورهم مواقع التواصل الاجتماعي وسترفع لأجلهم الرايات في بلد اعتاد “شعبه العظيم” أن يكفكف دمع مآسيه بقماشات ممزقة سترفع فوق جثث أبطاله الذين يموتون كل يوم ليحيا الوطن…. فـ “كلنا للوطن” عبارة رددناها منذ الصغر، ولكن لم يجب أحد سؤالنا: الوطن لمن؟
ان لم يكن، كما في الدول المتحضرة، لشبابه الذين على عاتقهم بناء الوطن الذي مزقت أوصاله أنياب الفساد، وامتصت وحوشه سيلان الأمل من شرايينه المنهكة ظلماً وأسى، فعلى من؟ ولكن في وطننا الصغير هذا، يبدو أن للشباب دوراً آخر: أن يموتوا يافعين، ليكونوا قرابين على مذبح بناء وطن لن يولد طالما لم تقم لدولة المؤسسات والقوانين فيه قيامة!
وها هو الشاب حمزة محمد علي، ابن قصرنبا البقاعية، يحول جسده الغض الشاب، مع رفاق المأساة، الى ناقوس خطر يدق ويدق، ولكن من سيسمع؟ فبعد أن أمضى سنوات طويلة من عمره في رحاب المدرسة، عاد اليها موظفاً في مدارس المصطفى (ص) في البقاع… يسهل شؤون طلابها ويتابع مع أهلهم حسن سير مسيرتهم التربوية ، فيرشدهم ويوجههم ويحيك معهم مستقبل يتمناه لهم أفضل من مستقبله….

بابتسامته المعتادة، كان يستقبل الطلاب وزملاءه…. وفي عينيه المتلألاتين، كان يخفي معاناة الطريق الموحشة التي كان يعبرها كل يوم، ويغامر بروحه كلما استقل “الفان” لتنطلق رحلة المعاناة اليومية، حيث كان يسابق “الظلام الدامس” تارة وتهور السائقين تارة أخرى، ثم يسلم الى مشيئة القدر و”يخلليها لله”….

أهله الذين كانوا ينتظرون “حمزة” كل يوم ليعود من عمله، استقبلوه بالأمس جثة معمدة بدمائه الزكية…فما سال من نجاسة في أرض الواقعة المريبة الا الاهمال الرسمي بقذارته، وما فاحت على تلك الطريق الا رائحة الظلم والتقصير النتنة التي تخنق المواطنين الكادحين الفقراء في البقاع وفي كل الوطن…. ولكن على من تعزف مزاميرك يا داوود…. فما لجرح بتلك الدولة الميتة إيلاماً….

اترك ردا