بيروت اليوم

حادث البقاع المشؤوم | سائق الفان ‘إدغار’ افتدى زوجته وطفلتهما بنفسه….فأسلم الروح فوراً ….حب حتى الرمق الأخير

المصدر : عبير محفوظ

على عكس كثير مما نعتقد، فإن الحب، متى ما صمد أمام ضيق الحال، يكون بحق من أروع المشاعر الانسانية النبيلة وأرقاها…. فالغني قد يغري حبيبته بهدية ثمينة أو يعوض نقص حنانه برحلات مكلفة، ولكن العاشق الفقير لا يملك الا ذاته يقدمها على طبق من رضا لمن أحب ويسعى جاهداً لحمايتهم، مؤمناً ايماناً خالصاً أن “يا نفس من بعد الحبيب هوني”…. ولعل قصة المكافح “إدغار الحموي” الذي ارتقى في حادث نيحا-ابلح البقاعية واحدة من تلك القصص التي تروي حكاية بطل سعى جاهداً لحماية من يحبهم وارتقى في سبيل ذلك شهيداً…

انتقل “إدغار الحموي” منذ زمن بعيد من سوريا الى لبنان حيث استقر وباشر العمل. تعرف على شريكة عمره ديالا الفخري من بلدة نيحا، وسكنا فيها بعد زواجهما. رزقهما الله بابنة وحيدة اسمياها رفقا. وكان “ادغار”، كحال جميع الساكنين في البقاع، ينتقل من مهنة الى أخرى سعياً للقمة عيش كريمة يؤمنها لعائلته الصغيرة، حتى استقر كسائق فان ينقل فيه موظفي المستشفيات في المنطقة من بيوتهم الى مراكز عملهم وبالعكس ليؤمن قوت عائلته الصغيرة ويكفيهم حاجاتهم، كما أكد مقرب من العائلة لموقع “يا صور”.

كبرت “رفقا” وباتت شابة مراهقة، وزاد خوف الأب عليها وعلى أمها مع تردي الاوضاع الأمنية في المنطقة، فكان دائم الحرص أن ينقلهما بالفان الذي يقوده، حرصا عليهما من التطفلات…. وفي يوم الجمعة المشؤوم، كعادته، رافقت ديالا وابنتها رفقا السيد “ادغار” في الفان…. وفي رحلة أرادها آمنة، وقع الحادث المروع بين الرانج روفر الذي يقوده شاب عمره 19 سنة، كما أوردت التحقيقات، والفانين العموميين….. فافتدى “ادغار” زوجته وابنته بروحه…. قدم نفسه قرباناً لآلهة السماء ليذود عنهما، فلفظ هو أنفاسه الأخيرة فور وقوع الحادث، بينما نقلت زوجته وطفلته المفجوعتين برحيله الى مستشفيات المنطقة حيث يجهد الطاقم الطبي لمساعدتهما على التحسن جسدياً وعلى احتواء صدمة الحادث الذي أودى بحياة سندهما الغالي في لمح البصر….
هو العشق الذي لا تشوبه أنانية…. هو سعي لحماية من نحب حتى الرمق الأخير… فـ”إدغار” الذي سعى لحماية عائلته الصغيرة من وحشة الطرقات وسالكيها قضى في الفان الذي كان يؤمن لهم خبزهم اليومي…. تهشم الفان وتكسرت أضلع من فيه…. فأسلم منهم الروح من أسلم، ورزح تحت أنين الألم من أصيب…. ولكن لعل روح “إدغار” ترمق حبيبته وشريكة عمره ديالا وأميرته المدللة رفقا من علياء لتكون لهما حارساً خفياً بعد أن كان لهما زوجاً وأباً حامياً ووفياً….

اترك ردا