بيروت اليوم

جنوباً | قصة حب سارة وأحمد من أروع تحديات الـ10yearschallenge … تحدى الاصابة بالسرطان الذي هاجمه في 3 مراحل وانتصر عليه بدعمها ليكونا معاً

المصدر : عبير محفوظ

قد تجابه أعتى رياح الكون بيد واحدة وتنتصر متى ما أدركت أن يدك الأخرى يحتضنها من تحب ويضمها الى صدره… هي حكمة قديمة كنا نخالها من نسج الخيال وقصص ألف ليلة وليلة… ولكن قصة الجنوبيين “سارة وأحمد” من تلك القصص التي تضخ في وريد الأمل والايمان بالحب والوفاء روحاً متهادية…

فمع كل قطرة علاج كيميائي سرت في جسده، كان تعلقه بها يقوى نبضه… مع كل أنين زلزل كيانه، كان يهمس لها حباً… ومع كل لحظة عذاب هيمنت على جسده الشاب، كان يناديها، “سامحيني بس بحبك”…

قاوم السرطان لأول مرة، وقاومه ثانية لما تجدد وانتصر عليه بعزم لما نازله في الثالثة، وأقر لها، “بدي اتحمل كل هالوجع وبدي طيب، كرمال اطلع من هون ونتزوج ونكمل حياتنا سوا”…وكان للحبيبين ما أرادا…وسطر “سارة وأحمد” قصة من أروع قصص الحب والوفاء….

هما أحمد عفيف سبليني وابنة خاله سارة هاشم سبليني…جنوبيان من منطقة خزيران في السكسكية الجنوبية… جمعهما الود والاعجاب في يوم… أسر لها بمشاعره قبل ان يقرر السفر الى الكويت حيث سنحت له فرصة هامة للعمل في مجال التزيين الرجالي….

تواعدا على الوفاء ورحل… وما كان يدري أن أمامه رحلات طويلة مضنية من الألم والعذاب، ستكون “سارة” فيها ملاكه الحارس وستخفف بنور طيبتها ظلام معاناة، لو حلت على جبال لانهارت وما طاقتها….

بعد سفره في العام 2012، تفاجأ ابن الأربع وعشرين سنة بنوبات من ارتفاع الحرارة الشديدة وآلام مبرحة في فخذه وتعرق ليلي. تحمل المعاناة حتى نال أوراق الاقامة، ثم جاء الى لبنان، حيث كانت “سارة” في انتظاره. فحوصات عديدة خضع لها لم تكشف ما أصابه، حتى أجرى خزعة، نصحه على اثرها الطبيب بزيارة قسم امراض واورام الدم.

أخفى الجميع “سر اصابته بسرطان الدم” (سرطان الغدد الليمفاوية الدرجة الثالثة) عن أحمد وسارة. وادعى المقربون أنه مصاب بالتهابات جرثومية حادة. ومع الجلسة الاولى من جلسات العلاج الكيميائي، بدأ شعره بالتساقط. كانت الحجة أن العلاج قوي وشبيه بالكيميائي.

كان الألم شديداً جداً يلوع بجسد “أحمد” ويذيب قلب “سارة” التي رافقت حبيبها منذ ساعات الصباح الاولى وحتى انتهاء مواعيد الزيارة ليلاً…وفي حديث مع “يا صور”، أكدت “سارة”، “كانت أمي تطالبني بالثبات أمامه كي لا أضعفه… وهو كان يؤكد لي، “سأقاوم كل ألم وسأتحمله حتى أشفى ونتزوج لنكمل حياتنا سوياً….”

وبعد حوالي 6 أشهر من العلاج المكثف، بشر الطبيب “أحمد”: “مبروك جسمك نظيف وما فيه اثر للسرطان”…. وهنا كانت الصدمة صدمتين على العاشقين، لما اكتشفا خبر الاصابة والشفاء في آن. ولكن بعد فترة وجيزة، تبين أن السرطان استوطن موضعاً من عظام “أحمد” ما استدعى جولة جديدة: من الألم والمعاناة، ومن الحب والثبات…

وانتصر “أحمد” مرة ثانية واضمحل الخبيث… الا أن القدر، وكأنه تلذذ بما رأى فيهما من تحد واصرار، أصابه مجدداً في الكبد والصدر. وهنا طالب الطبيب بإجراء عملية زرع نقي عظام للتأكد من عدم معاودة السرطان انتشاره، حيث كان بامكان “أحمد” أن يتبرع لنفسه كون خزان الدم غير مصاب… ولأن أوضاع “أحمد” المادية كانت عادية جداً، تداعى المحبون وأمنوا المبلغ العالي نسبياً وأجرى “أحمد” العملية…

وفي آخر مراحل العلاج، أصر “أحمد” على الخطوبة. أنهى جلسة العلاج الكيميائي صباحاً، وزار أهل “سارة” طالباً يد ابنتهم وآثار الارهاق بادية عليه… وكان عقد قرانهما أول ما بادر به “أحمد” ليتوج قصة عشقه ويشكر من كانت معه في الضراء قبل السراء ومن تحملت كثيراً من مجتمع تهامس في وجودها وفي غيابها. “شو بدها بهالقصة؟ ليه تربط مستقبلها بقصة عذاب مش معروفة آخرتها…. قصص كثير سمعتها، بس الحمدلله أهلي وأهله كانوا بصفنا ويشجعونا لنقوي بعض… تزوجنا من 3 سنين وعايشين سوا أحلى حياة ممكن يعيشوها أي اثنين مزوجين”، تخبرنا “سارة” وصوتها يتقاذفه ألم الذكرى وسعادة اللحظات الحلوة.

اليوم، بعد حوالي 5 سنوات من قصة تضحية واخلاص وبذل حاول القدر أن يلوثها بعذابات وآلام وأن يدنس طهرها بأشباح البعد والفراق، تتناغم “سارة وأحمد” عاشقين كأنهما للتو التقيا…وكأن روحيهما خلقت من بوتقة الفداء لتنصهر مع أروع نسمات الهيام وتنساب متحدية تتراقص على “لحن الوفاء”.

فهنيئاً لـ”سارة” عثورها على توأم روحها “أحمد”…. ومليارات التهنئة لـ”أحمد” على نعمة “سارة” التي أثبتت له ولكل من يعنيهم الأمر… أن الحب ليس بعضاً من تخيلنا: إنه، بأمر التحدي والعزيمة والاخلاص والثبات على المواقف، على الارض نوجده ونتلذذ ببهائه!