بيروت اليوم

بينهما منزل فاخر… ما هي أبرز الهدايا التي يحقق في تلقي الفنانة ستيفاني صليبا اياها من حاكم مصرف لبنان؟

“كتب يوسف دياب في الشرق الأوسط:

نفّذت الأجهزة الأمنية اللبنانية، أمس، إشارة القضاء، وألقت القبض على الممثلة اللبنانية ستيفاني صليبا، واقتادتها إلى التحقيق بأمر من النائب العام المالي القاضي علي إبراهيم، حيث خضعت لاستجواب قضائي، ثم أطلق سراحها مساء بسند إقامة بعدما استمعت إليها القاضية غادة عون.

وكشف النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات، لـ«الشرق الأوسط»، عن أن توقيف صليبا «جاء تنفيذاً لبلاغ بحث وتحرٍّ صادر بحقها، حيث اقتيدت إلى مقرّ النيابة العامة المالية في قصر العدل في بيروت، وخضعت للاستجواب، حيث أمر القاضي إبراهيم بتوقيفها على ذمّة التحقيق بشبهات تتعلّق «بتبييض الأموال والإثراء غير المشروع».

ومثلت صليبا عند الخامسة من مساء أمس الجمعة، أمام المدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، التي استمعت إليها بصفة شاهدة وقررت تركها بسند إقامة.

وقال مصدر قضائي لـ«الشرق الأوسط» إن النيابة العامة المالية، وبعد أن أنهت استجواب صليبا، أحالتها إلى القاضية عون لكون الأخيرة هي التي سطرت بلاغ البحث والتحري بحقها. وقال المصدر إن غادة عون «كانت استدعت صليبا للاستماع إليها كشاهدة بملف رياض سلامة، ومعرفة نوع الهدايا التي تلقتها منه إلا أن صليبا لم تحضر للتحقيق يومها، رغم تبليغها الاستدعاء، ما اضطر عون إلى تعميم بلاغ البحث بحقها»، مؤكداً أن ستيفاني «ليست مدعى عليها وغير متهمة بتبييض الأموال، وكل ما في الأمر الحصول على معلومات منها خاصة بملف رياض سلامة». وشدد المصدر على «عدم اختصاص النيابة المالية للتحقيق بجرم تبييض الأموال والإثراء غير المشروع، باعتبار أن الصلاحية تنحصر هنا بالنيابة الاستئنافية فقط».

وكان مصدر قضائي بارز أوضح لـ«الشرق الأوسط»، أن القاضي علي إبراهيم «فتح ملفاً قضائياً بملاحقة الممثلة المذكورة، بمعزل عن الملفّ العالق أمام القاضية عون». وأشار إلى أن التحقيق «مرتبط بشبهات متفرعة عن ملفّ حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ورفاقه، وأن ستيفاني التي تربطها علاقة بسلامة استفادت من هدايا قدّمها الأخير لها، ويشتبه أنها من أموال البنك المركزي». ورجّح المصدر أن «تستمرّ التحقيقات الأولية مع صليبا وأشخاص آخرين خلال الساعات المقبلة، وفي ضوئها يقرر القاضي إبراهيم إخلاء سبيلها أو

الادعاء عليها، وإحالتها موقوفة على قاضي التحقيق الأول في بيروت».
وكانت القاضية غادة عون بررت بلاغ البحث والتحري عن ستيفاني صليبا بأنها «تلقت هدايا ثمينة من حاكم المركزي، بينها منزل فاخر ومجوهرات باهظة الثمن»، ونفّذ جهاز الأمن العام هذه المذكرة واحتجزها لدى وصولها إلى مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت قبل يومين، إلا أن تدخلات سياسية أفضت إلى إطلاق سراحها، وأفادت المعلومات بأن القاضي علي إبراهيم هو من أمر بالإفراج عنها، قبل أن يعود ويصدر أمراً باعتقالها، ما أدى إلى خلق التباس، واعتبرت مصادر في قصر العدل في بيروت، أن قرار توقيف صليبا «جاء لاحتواء خطأ الإفراج عنها الذي أحدث ضجّة في الإعلام اللبناني وعبر وسائل التواصل الاجتماعي».

وفوجئت مصادر مواكبة للتحقيقات التي أجرتها النيابة العامة التمييزية بملفّ رياض سلامة، بقرار توقيف ستيفاني صليبا بشبهات تبييض الأموال المرتبطة بملفّ رياض سلامة، وأكدت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، أن الممثلة صليبا «لم يرد اسمها في الملفّ الأساسي ولم يجرِ الاستماع إليها كشاهدة ولا استجوابها كمشتبه بها». وأشارت إلى أنه «إذا ثبت أن رياض سلامة اشترى منزلاً لصديقته (صليبا) أو قدّم لها الهدايا، فهذه المسألة لا تضعها بموضع الشبهات ولا تعرضها للملاحقة»، لافتة إلى أنه «منذ بدء التحقيقات الأولية في ملفّ رياض سلامة وحتى الآن، لم ترد أي مراسلة من القضاء الأوروبي، تتحدث عن شبهات بحق الممثلة صليبا، أو أنها شريكة في أعمال تثير الشبهات، بخلاف رجا سلامة شقيق رياض سلامة وزوجة الأخير الأوكرانية آنا كوزاكوفا، وبعض الأشخاص الآخرين».

وذكّرت المصادر بأن «تقديم سلامة هدايا لصديقته، لا يحوّلها إلى مشتبهٍ بها». وقالت: «لم تتوفر أي معلومات أو مستندات تبيّن أن سلامة حوّل أموالاً إلى الخارج باسم ستيفاني صليبا، كما حصل في التحويلات العائدة لزوجته وشقيقه».

وزعمت معلومات صحافية أن «تدخّلات سياسيّة على مستوى رفيع، خصوصاً من قبل رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، حالت دون توقيف صليبا لدى وصولها إلى مطار بيروت الدولي». لكنّ المكتب الإعلامي لميقاتي سارع إلى نفي هذه المعلومات وأكد عدم صحتها على الإطلاق.”

كما كتب راغب ملي في موقع المدن:

استجواب ستيفاني صليبا: الاستنكار الفني يفضح العلاقة مع السلطة

ليس غريباً على المغرّدين اللبنانيين تأييد قرار توقيف الممثلة اللبنانية ستيفاني صليبا، والهجوم عليها لاعتقادهم أنها ساهمت في تلميع صورة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة من بوابة الحملة الاعلانية “ليرتنا بخير.. ليرتنا قوتنا”.. لكن اللافت هو استنكار مساءلتها في الملف عبر القضاء اللبناني، وهو اجراء طبيعي يحصل في كل بلدان العالم، للتيقن من تهمتها، أو دحضها.

خرج لبنانيون، وبينهم فنانون، للدفاع عن صليبا واستنكار توقيفها ومساءلتها حول ملفات قضائية. من واجب القضاء اللبناني القيام بهذا الدور الطبيعي. لعلّ أبرز الأصوات التي انتفضت واستنكرت الاجراء القضائي جاءت من الساحة الفنيّة، حيث اعتبر العديد من الفنانين التوقيف استهدافاً لهم وتم تحوير القضية إلى مكان آخر، حيث لاقت تعاطفاً في هذه الساحة.

كما ذهب البعض لاستنكار أصل الاستدعاء والبحث والتحرّي بحق ممثلة، في ما ذهب آخرون إلى إستنكار الحملة الرقمية عليها، واتهام السلطة بإلهاء الشعب اللبناني بقضيتها متذرعين بأنّها ليست موظّفة في مؤسسات الدولة اللبنانية.

ينقسم الفنانون والمعروفون في الوسط الفني الى شقين. الأول، أصحاب المصالح التي ارتبطت بالسياسة والمال والاقتصاد. أما الشق الآخر، فهو ينتهج مبدأ التضامن مع النجوم من دون مصالح فردية. تضامن ابناء الكار الواحد، وأبناء المنصة الواحدة التي يتشاركون فيها أخبارهم الجميلة التي يجب ألا يعكر صفوها، استدعاء قضائي أو شبهة قضائية، وهو أمر رائج بكثرة في الوسط الفني.

لكن الشق العميق في رفض البعض الاستدعاء والاستجواب والشبهة، ووضع الفنانين فوق أي شبهات، يحمل دلالات لا تقف عند التضامن مع توقيف فنانة او الحملات المستنكرة لشكل التوقيف أو جهة الاختصاص، كإستدعاء إعلامي من قبل المحكمة العسكرية على سبيل المثال.
للأمر أبعاد أعمق من ذلك ترتبط بأصل العلاقة بين بعض الفنانين وأركان المنظومة الحاكمة والتركيبة التي تحكم لبنان، والأدوار التي توزّعها المنظومة على الفئات التي تملك تأثيراً في المجتمع اللبناني.

هناك مجموعة من الفنانين نسجوا علاقات مستمرة وعميقة مع أباطرة السلطة في لبنان، والأمر ليس مرتبطاً فقط بالعنصر النسائي، فنانات وفنانون استخدموا الاستراتيجية نفسها واستفادوا من علاقاتهم في أعمالهم الفنية والمالية والتجارية للحصول على امتيازات نتيجة الجسور المبنية مع السلطة. هي علاقة تحكمها المصالح من الطرفين، وفي الوقت الذي يستفيد الفنانون من السلطة لمصالهم الخاصة المُختلفة، تستفيد السلطة من الفنانين كقوة ناعمة لتلميع صورتها وخلق تأثير مجتمعي يرتد ايجاباً في إستمرارهم والحفاظ على امتيازاتهم في السلطة.

إذاً، عملت المنظومة على تأسيس شبكة في الساحة الفنية على الشاكلة نفسها التي اعتمدتها في الساحة الإعلامية، وهذا ما يُفسّر خروج العديد من الفنانين باستنكار استدعاء ستيفاني صليبا خوفاً على أنفسهم في ما بعد، ومنعاً لتكريس هذا الواقع والحفاظ على الحصانة التي مُنحت للفنانين المواليين للمنظومة. فهم يخافون أن يُؤكَلوا يوم يؤكل الثور الأبيض من جهة، ويخشون خسارة نفوذهم المُستمد من بعض أركان السلطة من جهة ثانية.

أما في السياسة، فتبقى ستيفاتي حجر الدومينو الذي أسقطوه. التوازنات التي تحكم السياسة في لبنان والاعتبارات والمصالح المتشابكة بين الحاكمين، لا تسمح بمواجهة السلطة بعد. رياض سلامة وجه الطبقة الحاكمة والعارف بخفايا فسادها وصندوق أسرارها وتجاوزاتها، لن يسقطوه ولا قدرة لهم على ذلك.. على الأقل الآن.