بيروت اليوم

بعد أن رافقته آلة الأوكسيجين في سيارة … اليكم قصة أبو علي

هو العمر أم الفقر أم مجرد أنك ولدت في بلد عبثي فيه الوجود ومفقودة فيه الكرامة؟!… ما الفرق طالما أن بدايتك ونهايتك ستتشابهان في وطننا، وسيكون الفقر والعوز سيدا الموقف!

هي ليست نظرة متشائمة للحياة ولا حالة يأس أتت من عدم، بل هو واقع ترويه وجوه متعبة ومثقلة بالهموم، كوجه حامد سليمان الملقب بأبو علي.

ولمن لم يطلع على قصة أبو علي بعد، يجب أن يعلم أنه الرجل الذي ضجت مواقع التواصل بصورته أمس وهو يقود سيارة أجرة معلّقاً آلة الأوكسيجين بالقرب منه لأنه لا يمكنه التنفس من دونها.

موقع طرابلس عاصمة الشمال تواصل مع زوجة أبو علي فاطمة، التي زودتنا بتفاصيل قصته لأن حالته الصحية لم تسمح له بالقيام بذلك.

حامد، ابن عاصون الضنية، رجل في الـ 66 من العمر، كان متزوجاً قبل ارتباطه بفاطمة وأنجب من زوجته الأولى 7 أولاد، أما من فاطمة فأنجب 3 أولاد جميعهم قاصرون ولم يبلغوا الـ 18 من العمر بعد.

لم يكن على الزوجة التعمق بوصف حال زوجها المريض لأن أنين الألم المتصاعد منه كان جلياً وواضحاً، يوصّف وحده الحالة.

وعند سؤالها عن وضع زوجها الصحي ونوع مرضه، قالت فاطة: “الحج مريض جداً، هو مصاب بتلف في أنسجة الرئتين، ما يجبره على وضع آلة الأوكسيجين 24/24”.

وأضافت “زوجي أكبر مني، وفارق العمر بيننا ليس قليلاً، لكن المرض جعله يبدو مسناً أكثر من اللازم، وهو يحتاج لأدوية وأوكسيجين بقيمة 700 ألف ليرة تقريباً في الشهر الواحد ناهيك عن الأكل والشرب وأقساط المدرسة”.

وتابعت فاطمة: “أولاده الـ7 الكبار يحاولون مساعدته الا أن وضعهم ليس أفضل بكثير، لذلك فان مساعدتهم لا تكفي، والأطباء أكدوا لنا أن لا حلّ نهائياً لوضعه الصحي”.

أما بالنسبة لتكاليف الأدوية وزيارات الأطباء ودخول المستشفى، وان كانت العائلة تتلقى اي مساعدة من الدولة، أوضحت لنا فاطمة أن بطاقة الشؤون الاجتماعية متوقفة وهذا الأمر زاد الوضع تعقيداً.

وبأسف عميق قالت الزوجة: “لا يمكننا الاتكال الا على الله ليساعدنا، أبو علي كان متعباً جداً ولم يتمكن من العمل على سيارة الأجرة اليوم، وضعه الصحي ليس جيداً أبداً وهو يمضي معظم الوقت في الفراش، الا أنه يجبر نفسه على العمل أولاً لأننا نحتاج للمال وثانياً لأن النوم وعدم الحركة طيلة الوقت تتلف باقي أعضاء جسمه”.

وختمت فاطمة بالقول: “الدولة مقصرة بحق شعبها، فأين ضمان الشيخوخة؟ لا أحد ينظر الى كبار السن الفقراء، هل هؤلاء لا يحتاجون للعلاج؟”.

وعن لسان أبو علي المنهك القوى نقلت هذه الكلمات “الله كريم ولا بد أن يفرجها!”.

وفي هذه الظروف لا يبقى الا الاشارة الى أن أبو علي ليس الوحيد الذي يواجه هذه الظروف القاسية في بلد جرّد فيه المواطن من أبسط حقوقه وأنساه أنه ولد انساناً يتمتع بحق العيش الكريم والصحة والعافية… وعلى الدولة السلام!