بيروت اليوم

باسيل | ملف عثمان قريباً على الطاولة!

المصدر : كارلا الزين-ليبانون ديبايت

مع إقرار الموازنة في مجلس النواب ينتظر أن يفتح أكثر من ملف ساخن قد تكون تداعيات النقاش فيه أكثر دقة وخطورة من نقاشات الموازنة. وفق المعلومات، يلوح في الأفق “مشروع مشكل” بالمباشر بين وزير الخارجية جيران باسيل ومدير عام قوى الامن الداخلي اللواء عماد عثمان.

مصادر قيادية بارزة في “التيار الوطني الحر” تؤكد “لدينا أوراقاً كافية للضغط من أجل إزاحة عثمان من موقعه. ملف “المدير العام” سيطرج قريباً على الطاولة”.

رغم إصرار كثيرين، تحديداً الفريق العوني، على اعتبار أن باسيل حالة “استثنائية” فرضت نفسها طرفاً مقرّراً في مجالس الرؤساء وفي كبرى الملفات وأصغرها، فإن سطوة رئيس “التيار” على ما يبدو تقف عند عتبة قوى الأمن الداخلي!

“الرجل الذي لا ينام”، بتوصيف مريديه، ينام على “غصّة” عدم تمكنه من خرق أسوار المديرية بعد عامين ونصف من تدشين “العهد القوي”.

قيل الكثير عن “تواطوء” مريب بين رئيس الحكومة سعد الحريري يجعل من الأخير أداة طيعة بيد مشروع المرشح لرئاسة الجمهورية، ورُوّج لتنازلات كثيرة قدّمها “الشيخ سعد” لم تكن نتيجتها سوى “النفخ” في عضلات “ولي العهد”،

إلا أن الوقائع تؤكد بأن “جبران” الذي أخذ على عاتقه تحصيل حقوق المسيحيين في الوزارات والادارات والمؤسسات العامة، لا يزال عاجزاً عن فرض شروطه داخل المؤسسة الأمنية، فيما علاقته مع مدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء عثمان لا تزال مقطوعة، لا بل سيئة، بسبب تراكم المآخذ المتبادلة بين الرجلين، ويبدو أن “إصلاحها” بات أمراً متعذراً.

منذ 27 كانون الأول من العام الماضي توقف مجلس القيادة في قوى الامن الداخلي عن الاجتماع فيما يفترض أن تكون اجتماعاته أسبوعية وتشمل النقاش في أمور المديرية ومنها أمر النقل المجمّد منذ 12 عاماً والمستبدل بأوامر فصل للضباط.

أمر النقل، ومن ضمنه تكريس المناصفة في المراكز بين الضباط المسيحيين والمسلمين وفق المطلب العوني، هو أحد أسباب الفجوة التي تزداد اتساعاً بين باسيل وعثمان.

ولائحة الخلاف تطول: قضية الأذونات الممنوحة من المدير العام، التعيينات في مجلس القيادة، الحرب الباردة مع “شعبة المعلومات”، كلام باسيل المعلن عن “ضابط يظنّ نفسه أعلى من القضاء وهذا ما لن نسمح به”، ووقوف عثمان أمام أي محاولة من باسيل لفرض تعيين ضابط مسيحي غير موافق عليه…

داخل المديرية همس من جانب ضباط مسيحيين بإحتمال إقدام عثمان على ما سبق وفعله اللواء أشرف ريفي بتطيير نصاب مجلس القيادة وتحويله الى مجلس بلا قرار. موجبات هذا الكلام هو قرب إحالة المفتش العام (موقع كاثوليكي) العميد جوزف كلاس الى التقاعد، من دون أن يلوح في الأفق وجود توافق سياسي على البديل.

باسيل يطرح مرشح وعثمان يطرح مرشح آخر. سبق ذلك، إحالة قائد وحدة الخدمات الاجتماعية (موقع ماروني) العميد فارس حنا الى التقاعد. أصدر عثمان برقية تعيين العميد أنطوان ذكرى ليحلّ مكان حنا من دون استشارة باسيل، فكانت النتيجة ضغط من الحريري على عثمان للتراجع عن برقيته.

تراجع عثمان المًحرِج له، لم يُقابل بتعيين العميد جان غريب مرشح باسيل للموقع، حيث يتولى العميد طوني بيطار، مساعد العميد فارس حنا، المهام بالوكالة.

في أيلول المقبل يحال أيضاً قائد وحدة القوى السيارة (موقع ماروني) العميد فؤاد خوري الى التقاعد، وفي بداية العام المقبل يحال قائد الشرطة القضائية (موقع درزي) العميد أسامة عبد الملك الى التقاعد.

أربعة مواقع ضمن مجلس القيادة مهدّدة بالشغور ما يفقد المجلس الذي لا يجتمع أصلاً، نصابه. ثمّة خوف لدى هذا الفريق بتكرار عثمان لتجربة ريفي لإحكام قبضته أكثر على مجلس القيادة. والأهم، ما يقوله خصوم عثمان “بأنه يسعى للأتيان بضباط، خصوصاً مسيحيين،

“يطيعون” أوامره ولا يخالفونه الرأي ويبصمون على قراراته داخل مجلس القيادة في وقت يخرج الضباط “الشرسين” الذين يحسنون المواجهة الواحد تلو الآخر من المديرية”.

في ما يتعلق بأمر النقل تردّ مصادر متابعة مؤكدة “أن الادعاء بأن اللواء عثمان يعرقل إجراء تشكيلات وإصدار أمر نقل على أساس المناصفة غير دقيق، حيث تمّ التوصل سابقاً الى صيغة تلبي مطلب المناصفة، الا أن أعضاء في مجلس القيادة لم يتوافقوا في ما بينهم بالحد الادنى ومنذ ذلك الوقت أصبحت الكرة في ملعبهم”،

مشيرة الى أن “توقف مجلس القيادة عن الانعقاد يعود لهذا السبب، إضافة الى وجود مناكفات وصراع نفوذ بين الاعضاء أنفسهم، حيث يقوم كل واحد منهم بعرض وجهة نظره المختلفة عن الاخر أمام مرجعيته السياسية”.

وتجزم المصادر بأن “الحديث عن نية عثمان تطيير نصاب مجلس القيادة يفتقد الى الدقة كون تعيين أعضاء المجلس يتمّ بمرسوم بعد حصول توافق سياسي، وعثمان يقترح أسماء فقط، وبالتالي لا يستطيع تعطيل مجلس القيادة بقراره منفرداً، ما يعني أن هذا الاتهام موجّه بالمباشر الى مرجعيته السياسية المفترضة وهي الحريري”!.

أما لناحية القول بأن عثمان يسعى لتعيين ضباط مسيحيين يطيعون أوامره، فتعلّق المصادر “الكل يعلم كم بذل عثمان من جهود للإتيان برئيس الاركان الحالي نعيم شماس على سبيل المثال لا الحصر، وهو من الذين لا يبصمون على قرارات المدير العام داخل المجلس”.

بمطلق الاحوال القريبون من باسيل باتوا يرون الأمور من منظار آخر تماماً. يقول هؤلاء “العلاقة سيئة مع عثمان لدرجة أن هذه المسائل باتت مجرد تفصيل. هناك حالة من انعدام الثقة وعلامات استفهام كبيرة حول أدائه، خصوصاً انه لم يتوان طوال الفترة الماضية عن تكريس قناعتنا بعدم أهليته للاستمرار بهذا الموقع.

لم يعد الأمر طرح تعيين ضابط على الطاولة بل طرح ملف عثمان بنفسه”، مؤكدين “ان مشكلة عثمان الرئيسية أولاً هي مع نفسه ثم مع الآخرين، ما ينتج عن ذلك سوء أداء ومزاجية غير مقبولة في التصرّف خصوصاً مع مرجعيات أساسية في البلد.

والأهم أن هناك ملفاً متكاملاً سيعرض قريباً على طاولة مجلس الوزراء عنوانه عماد عثمان. مع اقتناعنا ان الرئيس الحريري قد لا يتخلى عنه بسهولة لكن نملك ما يكفي من الأوراق لنضغط بهذا الاتجاه”.

في هذا السياق تستغرب المصادر المتابعة “تقييم وزير خارجية لأداء رئيس جهاز أمني، وهو الامر الذي جاهر به باسيل علناً، خاصة وأنه منذ تولي عثمان لمهام المديرية شهدت الأخيرة قفزة كبيرة في كافة المجالات،

والانجازات اليومية ل “شعبة المعلومات” تتكلم عن نفسها، ما دفع رئيس الجمهورية في أحد اجتماعاته مع قيادة قوى الامن، الى القول أنه بسبب هذا الجهد مستوى الجريمة قد انخفض بشكل كبير جداً”.

وعن المقايضة المحتملة بين مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية بيتر جرمانوس واللواء عثمان تقول أوساط باسيل “لا يهمنا الشخص بقدر الموقع.

لقد حاولوا المستحيل لمواجهة القاضي جرمانوس وفتح ملفات له لكنهم لم ينجحوا. لا مشكلة لدينا بتغيير أي قاض لكن من ضمن تشكيلات قضائية أو تعيينات وليس لأن هناك رئيس جهاز أمني “حاطط راسو براس” قاضي”!

تضيف الأوساط “موقع مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية إذا سقط تسقط الهيكلية العسكرية وممنوع التعرّض له كما حصل حيث تناولوا القاضي جرمانوس بالشخصي”،

مؤكدة “للأسف نشعر اننا أمام نظام بوليسي أبشع من مرحلة المخابرات السورية. “شعبة المعلومات” صار شغلتها “تربي القضاة” وترعبهم”، مشيرة الى أن “جرمانوس في البداية لم يأخذ دوره المطلوب لكن الآن هو “قدها وقدود”.

ويذهب هؤلاء الى حدّ التأكيد ردّاً على واقع وجود تناغم وتنسيق كاملين بين “المعلومات” ومدعي عام جبل لبنان القاضية غادة عون “ومن قال هذا المطلوب. هذه حالة شاذة، رئيس الجمهورية لا يغطيها لكنه لا يتدخل”.

في المقابل تقول مصادر متابعة بأن “جرمانوس لم يكن يوماً هدفاً، بل بالعكس فان العلاقة بين جرمانوس وقوى الامن كانت ممتازة بشهادة جرمانوس نفسه الذي كان يقول أمام زواره بأن عمل “شعبة المعلومات” محترف للغاية ذاكراً على سبيل المثال التحقيقات في قضية محاولة اغتيال القيادي في حركة “حماس”

محمد حمدان في صيدا وتوصل “الشعبة” الى كشف المتورطين بسرعة قياسية واحتراف عالي”، مؤكدة أنه “لم يسبق إن تم التعرّض لجرمانوس أو سواه بمواضيع شخصية، مع العلم أن تحقيقات “الشعبة ” في ملفات الفساد تمّت ضمن الأصول القانونية وتضمّنت أدلة تقنية بحق قضاة تمّ العثور عليها في مضبوطات السماسرة الموقوفين،

وأودعت هذه التحقيقات مع الادلة النيابة العامة التمييزية ضمن الاصول والقوانين. وبمطلق الأحوال لا أحد يستطيع إخافة قاض نظيف”.

وترى المصادر أن “القول بعدم وجود مانع لصدور تشكيلات قضائية قريبة تشمل جرمانوس، فالمقصود من ذلك هو مفوض الحكومة نفسه بهدف حمايته وإثارة قضية عثمان في الوقت نفسه”.

وهنا، تؤكد المصادر أن “هذه المقارنة عقيمة خاصة بعد توقيف خمسة قضاة من طوائف مختلفة عن العمل من قبل هيئة التفتيش القضائي، ثم توقف عمل هذه الهيئة عند خطوط حمراء”. ولهذا الامر، برأي المصادر، “محاذير كبيرة من شأنها أن تنسف ملف مكافحة الفساد بأكمله، وأن تعيد القضاة الخمسة الى السلك القضائي بفعل التوازنات السياسية”.

تضيف المصادر أن “المقارنة بين عثمان وجرمانوس غير جائزة أيضاً لأن عثمان متهم في ملف الآبار ومخالفات البناء، وهذا الامر يشمل كافة الاطراف السياسية، إذ ان هذه الخدمات كانت تقدّم للجميع بمن فيهم “التيار العوني” حيث كانت تطلب شفهياً وخطياً من قبل نواب ووزراء “التيار” والمحسوبين عليه”.

وتردّ المصادر على اتهام “الشعبة” بخلق نظام بوليسي بالقول “لم يسبق في تاريخ لبنان الحديث إن تمّ تقديم هذا الكمّ من الشكاوى بحق مواطنين وإعلاميين فقط بسبب انتقادهم لرئيس الجمهورية والوزير باسيل. حتى في مرحلة المخابرت السورية، لم تكن الامور الى بهذه الدرجة من السوء”.

لكن الأهمّ ما يقول القريبون من باسيل “أنه مشروع يحضّر له اللواء عثمان ونحن لن نسمح له بتحقيقه، وذلك عبر إلغاء دور وصلاحيات قيادة الدرك وحصرها به، وب “شعبة المعلومات”، وهناك أمثلة كثيرة على أرض الواقع تؤكد ذلك”، مؤكدين أن “هناك تمويلاً خارجياً ل “شعبة المعلومات” يكفي لتمويل كافة الأجهزة الأمنية مجتمعة”.

مصادر متابعة تنفي هذا الكلام مؤكدة “أن هناك قوانين تحدّد الصلاحيات، وإذا سلّمنا بأن عثمان يتجاوز هذه القوانين وهو غير صحيح، فإن المشكلة تكون في قائد الدرك الذي يحميه القانون وصلاحياته محدّدة في قانون تنظيم قوى الامن (قانون رقم 17)، وعثمان يمارس دوره كمدير عام وكرئيس مباشر لقائد الدرك وسواه من قادة الوحدات ضمن ما ينص عليه هذا القانون.

أما في يتعلق بالتمويل خارجي توضح المصلدر “في حال كان الأمر صحيحاً فهذا أمر جيد، إلا إذا كان المقصود بأن “الشعبة” تموّل خارجياً من جهات تصنّف بأنها مشبوهة بنظر مروّجي هذه التفاهات. وفي هذه الحالة، عليهم أن يتحلّوا بالحد الأدنى من المسؤولية والشجاعة ويسمًون الامور بالتفاصيل والادلة”.

ولناحية العلاقة مع القاضية عون “فهذه شهادة “لشعبة المعلومات” من قبل منتقديها والتي توصلت الى أن تحوز على ثقة عمياء من القاضية عون، ولمن يريد أن يعلم مدى شجاعة وحماسة عون خاصة في ملف مكافحة الفساد نحيله الى الشهادة العلنية لرئيس الجمهورية وباسيل بها”، تختم المصادر.