منوعات

المريضة كانت خائفة “مين بدو يهتم بالأولاد”! عملية “ربط معدة” انتهت بغيبوبة

(كاتيا توا – المستقبل)

كتبت صحيفة “المستقبل”:
قبل ثلاثة أعوام، وتحديداً في الثامن من أيلول العام 2015، دخلت زوجة أحد الضباط في الجيش إلى المستشفى العسكري لإجراء عملية جراحية، هي كانت خائفة من نتائج تلك العملية التي تتعلق بـ«ربط المعدة»، وفق ما نقل عنها أحد المساعدين وهو مؤهل أول متقاعد حالياً، وخوف تلك الأم على أولادها، بحسب ما كانت تردد وهي في غرفة العمليات، كان في محله، بحيث دخلت في غيبوبة ولا تزال منذ ذلك اليوم المشؤوم بعد إصابتها بتلف دماغي نتيجة نقص في الأوكسيجين.

وفيما ترقد تلك الأم والزوجة في مستشفى الجعيتاوي، يُحاكم أمام المحكمة العسكرية عقيد طبيب وطبيب مدني ومؤهل أول ورقيب بتهمة الإهمال في الواجبات الطبية أثناء العملية وعدم التدقيق في فعالية الأوكسيجين، وهم مثلوا أمس أمام المحكمة برئاسة العميد الركن حسين عبدالله الذي غاص في أسئلته حول المسائل الطبية والبروتوكول المعمول به في المستشفى العسكري وكيفية حصول الحادثة، حيث تقاذف المدعى عليهم المسؤوليات، في وقت كان زوج المريضة وهو ضابط برتبة نقيب، يحضر الجلسة التي رفعها رئيس المحكمة إلى كانون الثاني المقبل لاستكمال الاستجوابات وسماع شهود.

ويروي الطبيب العقيد في استجوابه، أن المريضة دخلت المستشفى العسكري حيث أجرى لها عملية جراحية لوضع حلقة في معدتها، عن طريق المنظار، وبعد أن تم تخديرها من قبل الطبيب المدني، ولدى إدخال «الناضور» لاحظ أن معدة المريضة منتفخة، فطلب من المساعد المؤهل أول وضع أنبوب «لتنفيس المعدة»، إلا أن الأمر لم ينجح إلا بعد محاولات ثلاثة، ويتابع بأنه مع نهاية العمل الجراحي وضعنا جهازاً تحت الجلد، «وشعرت حينها أن هناك أمراً غير سوي، فسألت المؤهل الذي أبلغني بأنه لا يوجد شيء، ليحضر طبيب من المستشفى ويبلغني أنه أجرى عملية إنعاش للمريضة». ويشير الطبيب العقيد إلى أنه سمع لاحقاً أحدهم يقول إن الانبوب كان ملتوياً، وقد ناقش الأمر مع الطبيب المدني حيث قررا نقل المريضة إلى العناية الفائقة.

ويؤكد العقيد بأنه أثناء العملية لم تعطِ آلة المراقبة أي إشارة أو alarm بأن ثمة أمراً ما، وعلم بأنه كان مقفلاً قبل العملية، ليقول «انا ما عندي أي مسؤولية بمسألة البنج فأنا طبيب جراح».

ويعتبر العقيد أن لا سلطة له على أطباء البنج في المستشفى، وبحسب القانون يجب على طبيب البنج أن يبقى متواجداً في غرفة العمليات أثناء العملية إنما الطبيب المدني معروف بأنه مكلف بأمور كثيرة في المستشفى وكان يجب تكليف بديل عنه لتلك الأمور.

أما الطبيب المدني فيعتبر أن الخطأ حصل عندما تم تشخيص حالة المريضة على أنها أصيبت بالحساسية، ليؤكد من جهته أن الـalarm كان يعمل بشكل طبيعي ولم يتم إقفاله. ويشير إلى المسؤوليات الجمة الملقاة على عاتقه في المستشفى العسكري، وهو لذلك لم يكن في غرفة العمليات عندما تعرضت المريضة لما تعرضت له، ويضيف بأن في المستشفى 5 أطباء بنج وكان ثمة عدة عمليات في ذلك اليوم إنما لم يعد يذكر عددها.

ويوم الحادثة، يشير الطبيب المدني، إلى أنه استدعي إلى العناية الفائقة، إنما «كنت بعيداً لحوالى ثلاثين ثانية عن مكان العملية»، أما ما الذي حصل بنظره فيقول: «أنا عاينت المريضة والجهاز وراجعت الملف ولا شيء يبرر ما حصل». ويضيف: «خلال عشر دقائق لم تكن المريضة مرتاحة وفي خمس دقائق، لم يكن التعاطي جدياً مع الموضوع، وعندما انتبهوا لما يحصل اعتبروا أن المريضة تتعرض لحساسية وتصرفوا على هذا الأساس، وعندما لم تستجب المريضة ارتبكوا فاتصلوا بي حيث لاحظت أن الطاقم الطبي يتصرف بشكل عادي وليس بشكل طارئ، وعندما استفسرت من أحد الأطباء قال لي إن الرئتان مقفلتان، إنما لم يكن هذا رأيي فأخذت من ذلك الطبيب الآلة ولاحظت عدم وجود مؤشرات حياتية، ليأتي الجواب أن الآلة معطلة، إنما الآلة عادت واشتغلت، وبعد ست ساعات من ذلك نقلت المريضة إلى العناية الفائقة ليستقر وضعها إنما لا يوجد وعي لديها». ويتابع الطبيب المدني شارحاً أن أحد التقنيين لاحظ بأن الانبوب كان ملتوياً، وهو الذي يمد المريضة بالأوكسيجين «وأغلب الظن أنه لم يتم الانتباه الى هذا الأمر»، ليوضح أنه «لو كنت موجوداً في تلك اللحظة ما كنا وصلنا إلى ما وصلنا إليه».

وباستجواب المؤهل أول أفاد أنه كان يشعر بنوع من الخوف من تلك العملية، «فالمريضة كانت خائفة» وكانت تقول له «مين بدو يهتم بالأولاد»، مضيفاً أن «نفسيتها كانت متعبة»، وتابع يقول إن الطبيب المدني وضع الآلة وغادر ولم يعد، وفي العادة «نحن نتصرف في غرفة العمليات بعد خروج الأطباء». ويشير إلى أنهم «نيّمو» المريضة وكانت علامات الحياة صحيحة وجيدة، وقال «إن العقيد أجرى العملية والمعدة لم تكن فارغة»، بعد محاولة ثلاثة بإدخاله من دون جدوى، وحاول المؤهل أول وضع أنبوب آخر من دون أن يؤثر ذلك على أنبوب الاوكسيجين «وهذه مسؤولية طبيب البنج»، إلى أن تم إفراغ المعدة. وبعد انتهاء العملية، وبحسب البروتوكول فإنه كان عليه أن يعطي المريضة أدوية لتستفيق، وذلك بواسطة المصل، لكنها لم تستفق، وحينها طلبت من الرقيب استدعاء الطبيب المدني لكنه لم يجده فعاد إلى الغرفة ليرسل له رسالة بضرورة حضوره «وأنا كنت أريد أن يحضر أي طبيب لإبعاد المسؤولية عني وبالفعل حضر أحد الأطباء».

وهل خلال هذه الفترة تأكد المدعى عليه من وصول الأوكسيجين إلى دماغ المريضة؟ أجاب:«أنا قمت بمعاينة الـtube ولم يكن ملتوياً إنما لم يكن في مكان وحينها أعطت الآلة إشارة». ويؤكد المؤهل أول أنه أعطى المريضة ما يلزم من الأدوية إنما كمية الهواء كانت تدخل بصعوبة.

وأفاد الرقيب أنه كان موجوداً في غرفة العمليات عندما أعطت الآلة إشارة عن حصول شيء ما، وأنه بحث عن الطبيب المدني في المستشفى فلم يجده ليلتقي طبيب بنج آخر ويعلمه بما يحصل، ليعود المؤهل ويقول إن «ما حصل باعتقادي أن الأنبوب لم يكن ملتوياً إنما لم يكن موصولاً» وأن العقيد «ما كان واعياً على شي»، ليقاطعه الأخير بأن المؤهل أعطاه معلومة خاطئة بأن الجهاز معطل، وكان عليه أن يعلمه بذلك في البدء، وما كان حصل ما حصل «وأنا سألته وقال لي إنه لا توجد أي مشكلة»، مشيراً إلى أن المؤهل كان ينام قرب المريض في غرفة العمليات وأن حادثة مشابهة حصلت وكاد المريض أن يموت بسبب الاختناق.

اترك ردا