بيروت اليوم

اللبنانيون أمام أكبر عملية نهب لأموالهم… ‘الجار قبل الدار’!

ما يحصل في لبنان هو أكبر عملية نهب يتعرض لها شعب بأكمله. شعب وجد نفسه فجأة في جهنّم، بلا كهرباء، ولا بنزين، ولا أدوية، ولا مياه، ولا مدارس، ولا جامعات… وجد نفسه بلا مستقبل، بعدما حُرم من جنى عمره المصادر في البنوك.. فتبخّرت أمواله وسقطت أحلامه بفعل فاسدين وقحين متعنّتين. والأهم وجد نفسه بلا عدالة!

منذ أيار 2020 اعتمدت الحكومة اللبنانية سياسة الدعم في مسعى للتخفيف من الأعباء التي أنتجتها الأزمة الاقتصادية وارتفاع سعر صرف الدولار، فدُعم الخبز والدواء والمحروقات ولائحة طويلة بالمواد التي اعتبرت أساسية.

إلا أن ما تقدّم، وبدلا من أن يكون سبيل اللبنانيين لتمرير مرحلة صعبة بأقل أضرار ممكنة، تحوّل إلى نقمة حقيقية، صعّبت الأمور عليهم أكثر. إختفت الأدوية، ومعها الحليب وكلّ صنف كُتب عليه مدعوم، بعدما احتكر التجار كلّ ما وجدوا إليه سبيلا، من أجل بيعه إلى الخارج لتحقيق مكاسب مادية أو لتخبئته إلى حين رفع الدعم عنه وبالتالي بيعه بسعر أعلى.

غير أن القسم الأكبر من المواد المدعومة، وفي مقدّمها البنزين والمازوت، سلكت طريقها إلى سوريا، حيث ان المشتقات النفطية هناك اغلى من السعر المدعوم في لبنان.

وفيما كان السوريون في الشام ينعمون بمحروقاتنا المدعومة، كان اللبنانيون ولا يزالون ينتظرون لساعات طويلة في طوابير لا تنتهي للتزود بالقليل من البنزين، فيما ترزح مستشفياتنا وبيوتنا ومخابزنا ومطاحننا في العتمة وتتعطل مختلف القطاعات الحيوية بفعل نفاد المازوت، الذي أيضا سلك طريقه إلى سوريا بالصهاريج “وعلى عينك يا دولة”. وبحسب الأرقام، فإن ضريبة التهريب كلّفت لبنان، خلال العام المنصرم فقط، ما لا يقل عن 1،2 مليار دولار من أصل 4 مليارات صُرفت لاستيراد المحروقات.

يُحكى أيضا أن سياسيين كثرا استفادوا من مسألة الدعم، فعملوا في التهريب والسمسرة، وما مجزرة التليل في عكار، إلا الصورة الأوضح لما بلغه الوضع في لبنان من ذلّ لم يسبق له مثيل.

اليوم، وبعدما حان وقت رفع الدعم ووصلت الامور إلى “الاحتياطي الالزامي”، كثرت المسرحيات المطالبة بإبعاد هذا الكأس عن اللبنانيين والإبقاء على سياسة الدعم، لكأننا ننعم أصلا بما يُؤخذ من جيوبنا. لكن ماذا يعني الاحتياطي الالزامي؟

الاحتياطي الإلزامي أو القانوني هو نسبة محددة من أموال المودعين، ملزم كل مصرف ان يضعها لدى البنك المركزي من دون مقابل، وذلك لضمان سلامتها، وبما يضمن عدم تعرض المصرف لأي مخاطر في حال حصل سحب جماعي للودائع لديه.

عدم رفع الدعم في المرحلة المقبلة، يعني استعمال هذه الاموال، أي أموالنا نحن، لدعم المحروقات التي أساسا لا نرى شيئا منها، وتهرّب بغالبيتها إلى سوريا، وهو أمر لم يجزه القانون، وتحديدا المادة 70 من قانون النقد والتسليف، الذي يمنع مصرف لبنان من استعمال هذه الأموال باعتبار انه يتعارض مع موجب محافظته على ملاءة وسيولة المصارف وسلامة أوضاع النظام المصرفي.

إذا، القانون حمانا من عملية نهب جديدة تتهددنا لما تبقى من أموالنا، ولكن من يحمينا من حقارة بعض السياسيين في بلادنا؟

إن أسوأ حكام العالم وأكثرهم بطشا وظلما يسعون وراء مصالحهم، على حساب مصلحة شعبهم… أما في لبنان، فبلغت الحقارة حدا غير معهود، حيث يلهث الحكام ليس خلف مصلحتهم فحسب، إنما لسرقة أموال شعبهم وتمويل شعب آخر… حقا حقا إنهم أسوأ أنواع البشر، إنهم لعنة حلّت علينا!

المصدر : سينتيا سركيس – MTV