بيروت اليوم

الشابة الجنوبية نعمت حاربت السرطان متسلحةً بحب آل البيت (ع)… ورحلت في ذكرى أربعين الامام الحسين (ع)

المصدر : عبير محفوظ

خبيث هو… ينازل شبابنا وكبارنا في عقر جسدهم، فيحيله حلبة دامية…تصبح حياتهم وحياة من حولهم فجأة مسلسلاً مؤلماً يراقبون معه لوحة رقمية تبلغهم عن تمدده او تقهقره… يستجمعون طاقتهم ويبتسمون في وجهه، محاربين متمسكين بحياة ما زال لهم معها حكايات سعيدة لم تروَ بعد سيكونون هم أبطالها…. يهادنهم تارة فيتراجع ليظهر من جديد….أو تشاء العناية الالهية أن يختفي من حياتهم البتة…. ولأنها تسلحت بايمانها وتفاؤلها، لم ترض “نعمت” أن تخسر معركتها الأخيرة أمامه الا وهي بأبهى اطلالاتها….

وُريت الثرى امس ابنة الواحد والعشرين ربيعاً بعد أن عمدتها دموع الأهل المفجوعين الذين زفوها على وقع الآهات والأنين عروسا بأبيض نقي الى السماء…. في النبطية، حيث عاشت بعضاً من أروع أيام حياتها، اكتشفت الشابة نعمت عبد جابر (21 سنة) اصابتها بمرض السرطان… وقبل ان ينال من عزيمتها أو من عزيمة أهلها واحبائها، باغتته ببسمة أمل لا تقهر… أذلت جبروت خبثه بإيمانها أن هذا المرض قد أساء اختيار نده في معركته…. حملتها رحلات العلاج خارج لبنان، حيث سطرت بصبرها وبأسها آيات من عظمة الارادة والتحدي… وأبت “نعمت” أن تعود الى وطنها لتلتقي أصدقاءها وأحباءها الا وقد انتصرت عليه وحملت بيدها دلائل علمية على هزيمة نكراء مُني بها في جسدها الغض… أو هكذا خالت..!

“كل من عرفها لمس طيبة فريدة في قلبها…ففي أوج آلامها ومعاناتها مع الخبيث، كانت “نعمت” الصديقة المخلصة لكل من احتاجوها… ولعل نقاوة قلبها وطيبة سريرتها تنبع من قوة ايمانها بالله والأولياء الصالحين…”، يروي أحد المقربين من العائلة لموقع “يا صور”. ثم يكمل وقد أجهش بالبكاء كحال كل من هالهم خبر رحيلها الصادم ليل السبت، “آمنت نعمت بأن شفاءها هو معجزة من الله، لذا كانت دائمة التضرع والتوسل… لطالما سعت لتفي بنذوراتها في مقامات الأولياء… ولعل أكثر رحلاتها تأثيراً فيها روحانياً ووجدانياً هي زيارتها الى العتبات المقدسة في العراق…هناك أدركت “نعمت” أن كل مصيبة تصغر وكل فاجعة تخبو اذا ما قُدمت في سبيل الله، كما فعل الامام الحسين (ع) وأل بيته واصحابه ممن ضحوا بأعز ما يملكون فانتصروا…. وشاء القدر أن تتعرض “نعمت” لوعكة صحية مفاجئة وتتوفى ليلة السبت بينما تلتحق الوفود المليونية لزيارة العتبات عينها من كافة أنحاء العالم…”

لأنها أجمل من أن يٌحتفظ لها بصورة تبدو فيها ضعيفة أو خائرة القوى، أعلنت “نعمت” بفرح واطمئنان انتصارها على الخبيث عندما عادت من رحلة العلاج… فلوّنت كل ذكرى لها في نفوس محبيها بزاهي الالوان المرحة وختمتها بابتسامة… ثم رحلت… كأميرة في حلم… نثرت بعصاها السحرية رذاذ السكينة على النفوس التي بهرتها بعظمتها، ثم امتطت براقها ورحلت الى دنيا لا ألم فيها ولا غادر خبيث….

اترك ردا