بيروت اليوم

الثقة المضمونة هزيلة… فماذا عن ثقة الناس؟

بعد إقرار البيان الوزاري، الذي كان محل جدل سياسي وإقتصادي، تبدأ الحكومة التحضير لجلسة الثقة يوم الثلثاء، اي بعد عطلة عيد مار مارون وقبل الذكرى الـ 15 لإغتيال الرئيس رفيق الحريري، وسط إجراءات أمنية إستثنائية ستتخذها القوى الأمنية، وبالأخصّ الجيش اللبناني، الذي نجح في تأمين وصول النواب إلى جلسة الموازنة،

مع الأخذ في الإعتبار ما يُعلن عن خطة سيعتمدها المتظاهرون هذه المرّة، والتي ستفاجىء الجميع، على حدّ ما يقوله بعض الناشطين في الإنتفاضة، كتعبير عن رفض الشارع لحكومة حسّان دياب، الذين يعتبرونها إمتدادًا لنهج قديم – جديد، وهي وجه من وجوه الأحزاب، التي أوصلت سياساتها إلى ما وصل إليه لبنان، إقتصاديًا وماليًا، وهذا ما يقوله الذين سينزلون إلى الشارع بكثافة يوم جلسة الثقة.

وعلى رغم أن أصوات النواب الذين سيمنحون الحكومة الثقة قليلة نسبيًا في مقابل من سيحجبها عنها، ومن بينهم نواب تيار “المستقبل” و”الجمهورية القوية” و”اللقاء الديمقراطي” وحزب “الكتائب”، فضلًا عن عدد من النواب المستقلين، وهذا يعني أن تقليعة الحكومة ستكون هزيلة، من حيث الحجم المتواضع لمانحيها الثقة،

وهم تكتلات 8 آذار، وما يمكن أن تواجهه من معارضة شرسة سوف لن توفرّ فرصة إلاّ وستصوب على أدائها في كل المجالات، إضافة إلى إحتمال تصاعد وتيرة الإحتجاجات في الشارع، التي ستحاول المعارضة النيابية السير في ركبها ومدّها بالأوكسجين اللازم لدفعها إلى الأمام.

وفي هذه الحال ستجد الحكومة الجديدة محاصرة بين فكّي كماشة المعارضة النيابية من جهة ورفض الشارع لها من جهة أخرى، مع ما ستواجهه من عراقيل داخلية، أهمها الإستحقاقات الداهمة كسداد الديون الخارجية في خلال شهرين من نيلها الثقة، مع تزايد شح الدولار من الأسواق اللبنانية والعجز المتفاقم في المالية العامة،

فضلًا عمّا ستعترض المسيرة الحكومية من صعوبات في توفير الدعم الخارجي ونأي عدد كبير من الدول العربية والأوروبية، التي تتماهى مع السياسة الأميركية في المنطقة عن مساعدة لبنان ماليًا، سواء عبر التسليف أو الهبات، خصوصًا أن هناك من يعتبر أن مشاريع “سيدر” اصبحت فعلًا ماضيًا، لا يمكن التعويل عليه كثيرًا.

ووفق ما يقوله البعض من أن الثقة الهزيلة التي ستحصل عليها الحكومة لن تعوّض عدم ثقة الناس بها، وهم الذين يطالبونها بالكثير من أجل إستعادة هذه الثقة، بعدما أصبحت الهوة بينهم وبينها كبيرة، وأن دون إستعادة هذه الثقة محاذير كثيرة، إذ لم يعد يكفي ما تضمّنه البيان الوزاري من وعود لن ترى النور،

في حال حالف الحظ هذه الحكومة، قبل مئة يوم، وهي المهلة الزمنية التي ألزمت حكومة دياب نفسها بها، الأمر الذي يعيد إلى الأذهان المهلة الزمنية التي منحها الوزير السابق جبران باسيل لوزرائه، الذين وضعوا إستقالاتهم في تصرّفه، في حال لم ينجحوا في تقديم ما يرضي الناس ضمن المئة يوم، فما كانت إنجازات وما كانت إستقالة، وبقي الأمر محصورًا في خانة “العرضات” غير المنتجة.

المصدر : اندريه قصاص – لبنان ٢٤