بيروت اليوم

“أنتم ايها السياسيون آفة لبنان وكل مصيبة ارحلوا عن لبنان”…القصّة الكاملة لتغييب الإمام الصدر منذ 41 عاما

(ريكاردو الشدياق – mtv)

منذ بضعة أيّام، تداولت مواقع التواصل الإجتماعي جملةً شهيرة للإمام المُغيَّب موسى الصدر: “أنتم ايها السياسيون آفة لبنان وبلاؤه وانحرافه ومرضه وكل مصيبة، إنكم الازمة، ارحلوا عن لبنان”. شعر كثيرون أنّ كلمات الإمام إلى السياسيين في السبعينات هي الأصلح لاستخدامها في العام 2019.

ما هي إلاّ ساعات قليلة على تداول هذا القول حتى عادت قضيّة تغييب الصدر إلى الواجهة من جديد بفعل الدعوة المُوجَّهة إلى ليبيا لحضور القمّة العربية الإقتصادية في بيروت.

موقع mtv اتّجه نحو إطلاع الرأي العام حول القصّة الكاملة لاختفاء الإمام الإستثنائيّ، خصوصاً في ظلّ تضارب المعلومات والأخبار حول مصير الرجل.

لم يكن الصدر يعلم أنّ مغادرة لبنان إلى ليبيا في 25 آب 1978 ستجعل مصيرَه مجهولاً في لحظة. غادر في 25 وانقطعت أخباره نهائياً في 31، في الوقت الذي أعلنت فيه السلطات الليبيّة أنّه “خرج من لبنان على متن طائرة إيطاليّة إلى إيطاليا”، مكرّرةً الموقف نفسه مرّات عدّة.

إلاّ أنّ التحقيقات الجارية في لبنان آنذاك توصّلت بالدلائل إلى الجزم بأنّ وُجهة الصدر بعد خروجه من لبنان لم تكن إيطاليا وأنّ الترويج لذلك لم يكن إلاّ عمليّة مسرحيّة استخباراتيّة.

بعد ذلك، وقع السجال حول عنوان الوُجهة التي اتّخذها الإمام، وحصلت مراسلات بين لبنان وإيطاليا التي نفت بشكل كامل في أوّل تحقيق حول الملف وجود أيّ أثر للصدر على أراضيها، وهنا دخل على الخطّ عامل العلاقات والأموال التي كانت تُدفَع للتعمية على القضيّة والهروب بها نحو الأمام.

منذ ذلك الحين وحتّى العام 2011، لم يحصل أيّ تطوّر جدّي على مستوى القضيّة، في ظلّ إصرار من جانب القيادة الليبية على موقفه، إلى حين بدأ ما عُرف بـ”الربيع العربي” وقُتل الرئيس الليبي معمّر القذافي. بعد مقتل القذافي، أرسل رئيس مجلس النواب نبيه بري رسالةً إلى رئيس المجلس الوطني الإنتقالي مصطفى عبد الجليل يطلب فيها اتخاذ الخطوات اللازمة للمساعدة في قضيّة الصدر.

واللافت للذكر أنّ السلطات الليبيّة، بعد مقتل القذافي، اعترفت بأنّ الصدر حضر إلى ليبيا ولم يغادرها معتبرةً أنّ “الملف أصبح قضيّة وطنيّة ليبيّة كما هي قضيّة وطنية لبنانية”.

بموازاة ذلك، تمّ تشكيل لجنتين، لبنانية وليبيّة، ونشطت الإتصالات وخطوط التنسيق التي سُرعان ما أظهرت عدم جديّة في الوصول إلى نتائج ملموسة، وفق مصدر مُواكب للقضيّة، وصولاً إلى العام 2014 عندما وُقّعت مذكّرة تفاهم بين اللجنتين وفق المعايير الدوليّة.

وتضمّنت المذكّرة 3 بنود رئيسة تمحورت حول “ضرورة التفتيش حيث يلزم عن الإمام ورفيقيه وحضور المنسّق اللبناني المفوَّض إدارة الملف الإجتماعات المختصّة كافّةً، والتواصل الدائم بين لبنان وليبيا عبر اللجنتين”، لكنّ البند الثالث لم يُترجَم بعدها عبر أيّ تعاون بين الدولتين.

وفي المعلومات، أنّ الجهات الليبيّة المخوَّلة متابعة الملف لم تعد تُجيب منذ العام 2016 على الإتصالات التي تحصل من قبل لبنان، إلى حين دخل على الخطّ موضوع هنيبعل القذافي، الشاغل منصب عضو في اللجنة الأمنية المركزية العليا في ليبيا، والذي ما زال موقوفاً منذ ثلاث سنوات مع الإشارة إلى أنّ القذافي اعترف بأنّ الإمام الصدر لم يتمّ التصرّف به خلال فترة توقيفه موجّهاً الإهانات إلى القضاء اللبناني والمحقّق الذي تولّى العمل في القضيّة.

ويكشف المصدر أنّ أيّ اتصالات خاصّة لم تحصل بين برّي والسلطات الليبيّة خلال هذه الفترة، مُفيداً بأنّ الإيرانيين والسوريين وغيرهم قاموا بمحاولات عدّة لكنّ الجواب كان مفاده دائماً “الإمام في إيطاليا”.
يُعيد عضو كتلة “التنمية والتحرير” النائب محمد نصرالله، المتابع عن كثب لمسار قضيّة الصدر، سبب إخفائه إلى “الجولة التي قام بها الإمام على مراكز القرار الإقليمية والزعماء العرب، ومنهم القذافي نفسه، بهدف وقف الحرب الأهليّة”.

ويرى، في حديث لموقع mtv، أنّ “الموضوع بحاجة إلى توصيف كبير، فالقذافي كان أداةً لتنفيذ مُهمّة خطيرة هدفها إقصاء الصدر عن ساحة عمله بعدما أصبحت دعوته إلى انعقاد قمّة عربية أمراً واقعاً بدأ بقمّة الرياض التي شاركت فيها السعودية والكويت ولبنان وسوريا وفلسطين ومصر، تبعتها أخرى في القاهرة أقرّت بدخول قوات السلام العربية إلى لبنان لوقف الحرب”.

وحول الواقع الليبي الحالي مقابلةً مع القضيّة، قال: “إذا كان الليبيون الحاليون في تناقض مع سياسة القذافي فمن المفترض أن يسيروا في مسار جديد، أمّا إذا كانوا سيسلكون المسار السابق فهناك مشكلة كبيرة”.
“حيٌّ حتى يثبت العكس” يردّد مرجع شيعيّ متى تكلّم عن موسى الصدر الذي إن عاد يوماً لن يجد لبنان الذي غُيِّب عنه لـ41 عاماً…