بيروت اليوم

أكثر من 100 حالة ‘مخفية’ في لبنان | الإصابات بالكوليرا ستتضاعف وتحذيرات طبية

انشغل اللبنانيون في الأيام الأخيرة برصد عدد من حالات الكوليرا في البلاد، وحتى يوم أمس الإثنين ارتفع عدد الإصابات إلى 18، احتاجت 3 منها الدخول إلى المستشفى، مع توقع ارتفاع العدد نسبة إلى الفحوص المخبرية المُنتظر صدور النتائج بشأنها. واللافت أمس كان تسجيل 3 إصابات في منطقة عرسال البقاعية بعدما سجلت الحالات الأولى في الشمال، فهل هذا مؤشر على بدء انتشار هذه البكتيريا في كل لبنان؟

رئيس التجمع الطبي الاجتماعي اللبناني وممثل الرابطة الطبية الاوروبية الشرق اوسطية الدولية في لبنان والباحث في الامور الطبية البروفيسور رائف رضا حذر عبر “لبنان 24” من “اننا أمام وضع خطر مع اكتشاف حالات الكوليرا واليرقان في لبنان”، مشددا على ان “تلوث المياه هو السبب الأساسي لتفشي هذه الحالات”.

وأوضح ان “الإصابة باليرقان لا تؤدي إلى الوفاة كما هي الحال مع الكوليرا التي تنتشر بسرعة كبيرة وقد تؤدي إلى الوفاة بعد ساعات فقط من الإصابة”، لافتاً إلى ان “الكوليرا هي بكتيريا اسمها Vibrio cholerae وليس كما يُعرف عنها البعض بأنها “فيروس”.

وقال: “هذه البكتيريا تنتشر في زمن الحروب والفقر والكوارث والأماكن المزدحمة من خلال الصرف الصحي وخلط المياه النظيفة مع الصرف الصحي والمجارير وتتكاثر وتدخل عبر الفم وتصل عبر الجهاز الهضمي إلى الامعاء وأولى علامات الإصابة بها هي الاسهال المائي الشديد والتقيؤ والجفاف وغور العينين وقلة التبول وظهور تجاعيد في الجلد، وتواجد كل هذه العلامات تؤدي إلى حصول فشل كلوي يصل لمرحلة “الصدمة” والدخول في غيبوبة بسبب فقدان المريض السوائل الأساسية في الجسم كالصوديوم والبوتاسيوم”.

حالات “صامتة”

وحذر رضا من الحالات غير المُشخصة حيث لا يوجد علامات لدى المُصاب أو ما يُسمى بـ “الحالات المخفية أو الصامتة” وهي الحالات الأخطر التي تنقل الجرثومة حيث تتواجد في البراز ومن دون عوارض وتنتشر سريعا، كاشفا عن “وجود 100 حالة كوليرا في لبنان غير مُشخصة”.

وأكد ان “أرقام الإصابات ستكون مُضاعفة في الأيام المقبلة نتيجة عدم تشخيص الحالات واستمرار تنقل أشخاص مُصابين بالعدوى ولكن من دون عوارض ظاهرة عليهم”، مشيرا إلى ان “هؤلاء الأشخاص لديهم حموضة قوية في الامعاء تقتل الجرثومة ولكنهم ينقلون العدوى من خلال البراز”.

ولفت إلى ان “من لديهم قلة حموضة في الجهاز الهضمي هم الأكثر إصابة بالبكتيريا كالأطفال والمسنين ومن يعانون من أمراض مزمنة أو من ضعف في مناعة الجسم او من يتناولون أدوية تقلل الحموضة فتتكاثر لديهم الحالات وتظهر عليهم العوارض” .

وتابع: “85 % من حالات الكوليرا يؤدي فيها الإسهال الشديد إلى خسارة الأملاح في الجسم ما يؤثر على القلب ويؤدي إلى جفاف قوي قد يُسبب الوفاة ولاسيما عند الأطفال والمسنين وذوي الأمراض المزمنة، أما العلاج فيكون بإعطاء محلول يتضمن الصوديوم والبوتاسيوم وإعطاء مضادات حيوية وأدوية تحت إشراف طبي”.

وأضاف: “أكثر من 15 % من الحالات تؤدي إلى جفاف وإلى فشل كلوي ما بستدعي دخول المستشفى بشكل عاجل ويتم العلاج من خلال دواء يُعطى عبر الوريد وتكون نسبة الوفيات لدى هذه الفئة مرتفعة”.

سبل الوقاية

وشدد رضا على “ضرورة التقيّد بالنظافة الشخصية من خلال غسل اليدين قبل الأكل وبعد الدخول إلى المرحاض، غلي الماء في حال عدم توفر إمكانات لشراء المياه المعبأة، تغطية الخضار والفواكه من الذباب والتأكد من سلامة المياه، استخدام أقراص الكلور لتعقيم المياه وهي موجودة في الصيدليات، وطهي الطعام بطريقة صحية

كما شدد على انه عند الشعور بعوارض اسهال مائي مفرط اي غزير مع تقيؤ شديد على المريض التوجه فورا إلى أقرب مركز صحي للمعاينة واجراء الفحوصات التالية:

فحص زرع البراز stool analysis culture

فحص pcr سريع PCR stool analysis

وتوقع رضا ان “نكون حالات الإصابة بالكوليرا فوق المتوقع نتيجة عدم إجراء فحوص مخبرية دقيقة”، وأشار إلى ان “وسائل التشخيص اليوم مكلفة مع الأزمة الاقتصادية التي يعيشها البلد وفحص الخروج العادي يستغرق وقتا. أما فحص الـ pcr فهو جديد ولكن مُكلف وغير موجود في كافة المستشفيات والمختبرات” .

وطالب بالتشدد في الإجراءات عبر الحدود البرية، محذرا من ان “الإصابات المخفية ستدخل إلى لبنان عبر سوريا التي تعاني من انتشار كبير للكوليرا على مختلف أراضيها”.

ماذا عن اللقاحات؟

يلفت رضا إلى وجود لقاحات للكوليرا ولكن لا نعرف ما إذا كانت موجودة في لبنان.

وأكد في الختام ان “الكوليرا ستنتشر وأرقام الإصابات ستتزايد تدريجيا لاسيما في منطقة الشمال”، محذرا أهالي البقاع والجنوب من العدوى وذلك بسبب تلوث مياه الليطاني.

يُذكر ان لبنان لم يشهد حالات كوليرا منذ العام 1993 أي منذ نحو 30 عاماً.

ولابد من الإشارة إلى ان الرئيس نجيب ميقاتي دعا وزراء الصحة والداخلية والبلديات والطاقة والمياه والبيئة والزراعة اجتماع يعقد في السراي الحكومي اليوم لمتابعة هذا الملف.

ونشرت وزارة الصحة العامة دليلاً يقدّم معلومات بارزة عن كيفية الوقاية من الوباء، كما أصدرت وزارة التربية بدورها تعميماً للمؤسسات التربويّة بشأن الإجراءات الوقائية من الأمراض الوبائية والمُعدية ومنها الكوليرا.