بيروت اليوم

أقدم 16 شجرة زيتون في العالم تحمل الجنسية اللبنانية وموجودة في البترون…عمرها يفوق الـ 4000 سنة !

(نانسي جبرايل يونس- اللواء)

من المعروف أنّ أقدم شجرات زيتون في العالم موجودة في بلدة بشعلة البترونية، ويطلق عليها شجرات زيتون نوح، أو الشجرات الاخوات، وهو إسم يُطلق على أقدم 16 شجرة زيتون في بشعلة، يقال بأنّ عمرها يفوق الـ 4000 سنة. هذه الشجرات القابعات في احضان بلدة بشعلة، هي خير شاهد على تغيّر الحضارات، والتقلبات المناخية، الطقس الحار المبكر، والرياح التي رافقته، والتي قضت هذا العام على جزء من الزهر قبل أنْ يعقد، وجرّت معها اليباس، وهذا أحد أهم أسباب انخفاض موسم الزيتون في البترون كما في أكثر من منطقة، خصوصاً في الاراضي المزروعة زيتوناً ومكشوفة للرياح. وهكذا فإنّ ما يجمع بين مواسم الزيتون في البترون، كما في كافة المناطق اللبنانية هو الإهمال الرسمي لهذا النوع من الاشجار، التي تصاب بمرض عين الطاووس، ويتلاقى هذا الإهمال مع غياب الارشاد الزراعي قبل الموسم، وخلاله وما بعده، ومن ثم ازمة التصريف التي تتساوى فيها كل المنتجات الزراعية.

أزمة التصريف والمضاربة في قطاع الزيتون دفعت عدداً من المزارعين الى قطع أشجار الزيتون وتحويل بساتينهم الى مساحات بمتناول المستثمرين في القطاع العقاري.إذ إنّه أمام أزمة تصريف الانتاج والمضاربة، لم يستطع المزارع البتروني دفع تكاليف الانتاج، من ايجار الحراثة الذي يبلغ 30 دولاراً للدونم، عدا عن الرش، وقد تقاسم احد اصحاب البساتين المحصول مع أحد المزارعين الذي يعمل وعائلته كلها في القطاف، موفّراً بذلك إيجار العمال.وهناك مزارعون يؤمنون بصعوبة عمالاً لبنانيين. وفيما تتراوح الأجور بين 70 الف ليرة، يضاف إليها ثمن الصفيحة زنة 14 كيلوغراماً، او «غالون» بلاستيك ثمنه 5 آلاف ليرة، وتُضاف أيضا أجور العصر للصفيحة بين 15 و20 الف ليرة، أو بدل زيت عُشر الكمية المنتجة لصاحب المعصرة.وقد بدأ قطاف الزيتون هذا العام باكراً، وشارف الموسم على نهايته، وتنشط اليد العاملة السورية في موسم القطاف، مقابل اليد العاملة اللبنانية الخجولة، وفي حين يتقاضى العامل اللبناني 50 الف ليرة يومياً يتقاضى السوري 30 الف ليرة.

تراجع الإنتاج : مواسم الزيتون في البترون تعاني منذ سنوات من تراجع في الإنتاج، وذلك يعود إلى عدة عوامل، إلا ان هذه الزراعة تحتاج الى لفتة من قبل وزارة الزراعة لجهة الإرشاد الزراعي، وتأمين الأدوية الزراعية للمزارعين، وتشجيعهم على إنشاء التعاونيات الزراعية، ومكننة القطاف التي ما زالت في بداياتها، إنّ زراعة الزيتون تحتاج الى تطوير لتواكب المنافسة في الأسواق طبعا، إذا تأمّنت الأجندة الوطنية لتصريف الزيتون اللبناني الذي طالما اقتصر على دعم المؤسسة العسكرية، وتبرز الحاجة ماسّة اليوم الى إنشاء صندوق تعويض عن الخسائر، التي تحدثها العواصف ومياه الامطار بموسم الزيتون كل سنة، ولا مَنْ يسأل والأهم من كل ذلك احتضان زراعة الزيتون ودعمها وشمول مناطقها بالإنماء المتوازن، ليبقى المزارع في أرضه. وفي حين يشكّل الزيتون المعمّر في بشعلة أعجوبة صامتة من أعاجيب الطبيعة في لبنان. إنّ جودة الزيت البتروني معروفة وكلفتها عالية نسبياً، لأنها تنتج بتأنٍّ ودقة إلا أنّ كلفة تنكة زيت الزيتون التي وصلت في السنوات الماضية الى 125 دولارا لم تصل هذه السنة الى الـ100 دولار. تعتبر زراعة الزيتون من الزراعات القديمة والناشطة في لبنان بشكل عام وفي وسط وساحل البترون بشكل خاص. ويشكّل إنتاج لبنان السنوي من الزيتون في المواسم الطبيعية حوالى 220 ألف طن، ويتراوح إنتاج منطقة البترون بين 3500 و4500 طن، وقد أجمعت التعاونيات الزراعية في وسط وساحل قضاء البترون الى ان نسبة الحملان في أشجار وبساتين الزيتون كانت في بداية الموسم حوالى 30 %، وخلال الموسم بدأ يظهر التفاوت في حملان أشجار الزيتون في البساتين بين بستان وآخر وبين شجرة وأخرى.

معاناة الزيتون : الزيتون في البترون يعاني هذا العام أيضاً من السوسة التي ضربت حبات الزيتون على الشجرة مما أدى إلى سقوط حبات الزيتون أرضاً .وهكذا فإن الانتاج المتراجع قابله حسب أصحاب المعاصر مقطوعية جيدة اي نسبة 55 كلغ زيتون لكل تنكة الزيت، بينما قد تصل هذه النسبة أحيانا إلى 75 كلغ لتنكة الزيت الواحدة.هذا لا يعني أن قطاع الزيتون بأفضل حال، وأن المزارعين راضون عن موسمهم لهذا العام، فالإنتاج لم يسد الكلفة وزراعة الزيتون أغرقت المزارعين بخسائر لن يتمكنوا من النهوض منها، خصوصاً أن تكدس الزيت من العام الماضي لا يزال يرخي بثقله على موسم الزيتون الذي لم يفاجئ المزارعين لأنهم اعتادوا على غضب الطبيعة في معظم المواسم، إلا أنّ تراجع الحملان ترافق هذا العام مع السوسة التي ضربت حبات الزيتون، واستفاق المزارعون عند حصاد الموسم ليجدوا أشجار الزيتون الفارغة الى جانب الأشجار التي ترزح تحت الحمولة .المزارع في البترون كما في كل مناطق الشمال يبيع زيتونه وزيته على الطلب من قبل أهالي البترون او من المناطق المجاورة .ومع تنامي المضاربة من الاسواق اللبنانية، برز الزيت السوري الاقل كلفة على جيبة المواطن اللبناني، الذي يرزح تحت ضائقة اقتصادية كبيرة مع غياب الحكومة، وهكذا ان تراجع الطلب على الزيت الجيد واضح ويفضّل معظم اللبنانيين شراء الزيت السوري أو ربما أيضا زيت السنوات الماضية لأنه أقل كلفة على جيوبهم. إذاً المزارع البتروني لم يستطع الحصول الا على 20% من إنتاج الزيتون السنوي اضافة الى آفة السوس، ما دفع أحد المزارعين للقول: «لا نوعية ولا حملان» هذه السنة، وبالتالي فإنّ المحصول بالكاد يسد كلفة الانتاج.

ويشير الخبراء الى أن «الانتاج في لبنان هذا العام لم يتجاوز الـ 20 والـ 25%، قابله ايضا تراجع انتاج في العديد من دول المنتجة للزيت والزيتون في اوروبا الى 35 %، وكل ذلك جاء نتيجة الطقس والعوامل الطبيعة التي لم تأت مناسبة للزيتون».ظاهرة السوس والزيتون المتساقط ارضا وبحسب العارفين تضرب نوعية الزيتون الجيدة وتخفف من قيمة الزيت ومن مذاقه وسعره، بالتالي إنّ سعر تنكة الزيت في البترون لم يتجاوز الـ 100 دولار الى الـ180 ألف ليرة في الحد الأقصى بينما وصل سعر تنكة الزيت في مناطق لبنانية أخرى الى 200 ألف ليرة.ومع هبوط اسعار الزيت وكمية الانتاج رفع المزارعون الصرخة للكارثة الزراعية المعيشية التي حلّت على بساتينهم التي تشكّل مصدر رزق أساسي لهم ولعائلاتهم.

اترك ردا