بيروت اليوم

مأساة في صور | قبل ان يجف دمع فراق اخته الشابة مايا …. السرطان خطف الشاب محمد علي الفران، وحرم طفليه من الاب العطوف

تمر في حياتنا لحظات نشعر معها ان ابواب السماء قد اغلقت دوننا… ان ملائكة الرحمة قد غابت عنا… ان شعلة الصبر قد أطفأ توهجها القدر في قناديل العمر… نذرف دموع الحسرة تبلل ثوب الصدمة الذي اعترانا…

ثم نرضى بقضاء الله وقدره ونحمل الى ثرى الارض احبة نستودعهم رياض العزيز الحكيم ونمضي لحياة نؤمن انها لن تكون بعدهم كما كانت معهم تنير بسمتهم ظلاما سيسود برحيلهم…

لشهور مريرة، صارع الشاب الخلوق الهادئ والمحبوب مرضا خبيثا اصابه… ولكنه كما اكد جميع اصدقاؤه في مدينة صور والجوار ما انصاع لسطوته، حاول ان يقاومه وتمسك بحياة خطفه منها القدر قبل ان يسطر فيها مزيدا من طيبة اخلاقه واصالته…

فرحل عن دنيا دائما ما تواجه الطيبين بدناوتها حتى تستفزهم، ولكنها ما نالت من الشاب المحبوب الا رضا بقضاء الله وقدره… وطفلين تركهما فيها ليكونا ذكرى لوالديه المفجوعين برحيله بعد ان كان هو من يداوي جرح رحيل اخته الشابة مايا عنهما…

ما شعر احد من المقربين ان ذاك المرض “الخبيث” قد يقوى على بسمة “محمد”… ذاك الشاب المكافح منذ صغره… ابى الا ان ينخرط في مجال العمل باكرا ليكسب قوته بعرق جبيبنه، كما يروي مقربون لموقع “يا صور”. على صغر سنه، التحق بمحلات ابيه الحاج علي الفران الشهيرة للالبسة والمعدات الرياضية في مدينة صور…

هناك تعلم من ابيه ان الامانة والنزاهة هي سر نجاح التاجر… اضفى عليها سحر ابتسامته وروحه المرحة… فباتت وصفة ساحرة جعلت “محمد” حبيب جميع زبائنه وجيرانه…

كما كان سر ابيه وداعمه في عمله… حتى قرر مع والده واخوته التوسع في اعمالهم، فافتتحوا فرعا جديدا في قلب مدينة صور… اشرف محمد على اعماله واصر على متابعة ادق تفاصيله حتى بعد ان عاجله المرض…

ولأنه تشرب حنان امه العطوف وذاق روعة العائلة المتكاتفة، اراد محمد ان يؤسس عائلته الصغيرة ايضا… فتزوج وانجب طفلين كانا بالنسبة اليه العينين التي ابصرا معهما ابهى الوان الفرح في الحياة…

ثم فجأة انقلبت ايات السعادة قهرا… تم تشخيص اصابته بالخبيث… وعلى عجل، خضع محمد لعمليات هدفت لاستئصال الورم ولكن… كلما اجتث بعضه، ترى سمومه انتشرت في انحاء اخرى من دماغه…

لم تقتل “الخبيث” عناية اغدقتها عليه ام محمود، التي حاولت بصلواتها ودعائها ان تحمي فلذة كبدها من مرض تبرأ منه عظيم الابالسة… لم تستطع بدموعها المحبة ان تغسل عن قلبه صدأ الألم… تسارعت الايام بلا رحمة حتى حملت خبر رحيله الحزين الى ابناء مدينة صور مع فجر حزين…

بالامس، وري الثرى وشيعه الاحبة والاصدقاء الكثر… ولكن ابدا سيبقى جرح فراقه يئن لوعة واشتياقا.. ولكن لعل عزاء محبيه ان جميع من عرف “محمد” سيحتفظ له بطيب ذكر ومحبة…

المصدر : عبير محفوظ _ يا صور