صحة وطب

لماذا يستغرق كل هذا الوقت ؟؟ تعرفوا على مراحل انتاج لقاح لفيروس كورونا

مع بدء انتشار فيروس “كورونا” في نهاية ديسمبر الماضي، استعد باحثون في المعاهد الوطنية للصحة في ماريلاند أنفسهم للبحث عن لقاح للوقاية من المرض الجديد.

وكانت لديهم أدلة على أن فيروس كورونا الجديد، شبيه بتلك التي تسببت في اندلاع السارس في عام 2003 وفيروس كورونا في عام 2012، لذلك حث الدكتور بارني غراهام، نائب مدير مركز أبحاث اللقاحات في جامعة نيويورك، علماء الحكومة في الصين على تبادل التركيب الجيني للفيروس، حتى يتمكنوا من التوصل إلى لقاح للمرض.

ويعمل علماء في أستراليا وثلاث شركات على الأقل، جونسون آند جونسون، ومودرنا ثيرابيوتيكس، وإينوفيو للأدوية، على إنتاج اللقاحات لوقف انتشار المرض.

وحصلت شركة “إينوفيو” على منحة بقيمة 9 ملايين دولار لتطوير لقاح فيروس كورونا من منظمة “التحالف من أجل ابتكارات التأهب للوباء”، كما حصلت كل من شركة “مودرنا” وجامعة كوينزلاند في أستراليا، على منحة مماثلة.

من جانبه، قال جاكلين شيا، كبير مسؤولي العمليات في شركة Inovio: “الجميع يحاولون التحرك بأسرع ما يمكن”.

فترة إنتاج اللقاح
تاريخيا، كانت اللقاحات واحدة من أعظم أدوات الصحة العامة للوقاية من الأمراض، ولكن حتى في الوقت الذي سمحت فيه التكنولوجيا الجديدة والتطورات في علم الجينوم والتنسيق العالمي للباحثين الذي ساعد بالتحرك بسرعة غير مسبوقة، فإن تطوير اللقاحات يظل عملية مكلفة ومحفوفة بالمخاطر.

ويستغرق الأمر شهورًا وحتى سنوات، لأن اللقاحات يجب أن تخضع لاختبارات مكثفة في الحيوانات والبشر، ففي أفضل الأحوال، يستغرق الأمر على الأقل سنة، حتى يصبح أي لقاح متاحًا للجمهور.

وقال ريتشارد هاتشيت، الرئيس التنفيذي لائتلاف التأهب للوباء: “قد لا يساعدون في المراحل المبكرة من تفشي المرض، لكن إذا تمكنا من تطوير لقاحات في الوقت المناسب، فسنتمكن من محاصرة المرض بسهولة”.

مع تفشي أي مرض جديد، يتعين على العلماء عادة البدء من نقطة الصفر، فبعد اندلاع السارس في عام 2003، استغرق الباحثون حوالي 20 شهرًا من إطلاق الجينوم الفيروسي للحصول على لقاح جاهز للتجارب البشرية.

في عام 2015، ظهر وباء سببه فيروس زيكا، وكان الباحثون قد خفضوا الجدول الزمني إلى ستة أشهر، والآن، يأملون أن تقلل الجهود المشتركة من ذلك الوقت إلى النصف.

وقدر الدكتور بول ستوفلز، كبير المسؤولين العلميين في “جونسون آند جونسون”، أن الأمر قد يستغرق 8-12 شهرًا حتى تصل شركته إلى لقاحات، وأشار من المحتمل أن يكون قد تم احتواء تفشي فيروس كورونا.

وقال ستيفان بانسيل، الرئيس التنفيذي لشركة مودرنا: “إن اللقاحات ضرورية، حتى لو تلاشى تفشي المرض، لأنه قد يعود”.

طريقة إنتاج لقاح كورونا
في 10 يناير نشر العلماء الصينيون المعلومات على قاعدة بيانات عامة، وفي صباح اليوم التالي، عمل فريق الدكتور غراهام على التحقق من التسلسل ومقارنته بما كان لديهم بالفعل للسارس والفيروس كورونا.

ونجح فريق الدكتور غراهام، في تحديد حروف الشفرة الوراثية التي يمكن استخدامها لصنع لقاح، وركزوا على البروتين المرتفع، الذي يشكل تاج الفيروس التاجي ويتعرف على المستقبلات، أو نقاط الدخول، على خلية مضيفة.

وقالت كيزميكيا كوربيت، القائدة لفريق فيروس كورونا التابع للدكتور غراهام: “إذا تمكنت من منع بروتين السنبلة من الارتباط بالخلية، فعندئذ تمنع العدوى بشكل فعال”.

وأضافت كوربيت، لدى العلماء طريقة جديدة لتطوير لقاح فيروس كورونا الجديد، فلقد استخدموا القالب الخاص بلقاح السارس واستبدلوه بالكود الوراثي الكافي الذي يجعله يعمل لصالح الفيروس الجديد.

ويخطط العلماء لاستخدام المعلومات الوراثية لانتاج ” RNA messenger” الاصطناعي، وستساعد هذه التقنية في تحفيز مستويات عالية من الأجسام المضادة التي يمكنها تحديد البروتين المرتفع ومحاربة العدوى.

من جانبه، قال الدكتور أنتوني فوشي، مدير المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية في نيويورك، الذي يشرف على فريق الدكتور غراهام: “إذا لم نواجه أي عقبات غير متوقعة، فسنكون قادرين على تنفيذ المرحلة الأولى من التجربة في غضون الأشهر الثلاثة المقبلة، والتي ستكون سرعة قياسية”.

طرق أخرى لإنتاج اللقاح
يستخدم باحثون آخرون طرقًا مختلفة لتطوير لقاحاتهم، فمثلا شركة Inovio، التي تقوم أيضًا بتطوير لقاح لمرض MERS، تستخدم تقنية تعتمد على الحمض النووي، بينما تقدم شركة “جونسون آند جونسون” اللقاحات من خلال فيروسات الأدينو، والتي يمكن أن تسبب أعراضًا شبيهة بالبرد ولكنها أصبحت غير ضارة، ويختبر الباحثون في جامعة كوينزلاند جزيئات تحاكي بنية الفيروس.

وقال الدكتور غريغوري بولندا، خبير اللقاحات في مستشفى مايو كلينيك في مينيسوتا: “لا نعرف طريقة اللقاح التي ستنجح في هذه المرحلة، لذا يتعين علينا تجربة كل شيء في ترسانتنا”.

وإليكم مراحل انتاج اللقاح بحسب منظمة الصحة العالمية

1- الكشف عن فيروس جديد: تقوم المختبرات القائمة في مختلف أنحاء العالم، بشكل روتيني في إطار الشبكة التي أُنشئت لأغراض الترصد، بجمع عيّنات من فيروسات الأنفلونزا الدائرة وإرسالها إلى المراكز المتعاونة مع المنظمة بشأن المراجع والبحوث الخاصة بالأنفلونزا كي يتم تحليلها. وتبدأ أوّل خطوة نحو إنتاج لقاح لمكافحة جائحة ما عندما يكشف أحد تلك المراكز عن فيروس جديد من فيروسات الأنفلونزا يختلف إلى حد كبير عن السلالات الدائرة، ويُبلغ المنظمة بذلك الاكتشاف.

يتم زرع فيروس اللقاح في البيض لأنّ فيروسات الأنفلونزا تنمو جيداً فيه ولأنّ من السهل الحصول على ذلك المنتج.

2- تحضير سلالة اللقاح (التي تُسمى فيروس اللقاح): يجب، أوّلاً، تكييف الفيروس لاستعماله في صنع اللقاح. وللحدّ من خطورة الفيروس وتحسين قدرته على النموّ في بيض الدجاج (وهي طريقة الإنتاج التي يستعملها معظم صانعي اللقاحات) يتم مزج الفيروس بإحدى السلالات الفيروسية المعيارية التي تُستخدم في المختبرات وزراعتهما معاً. وبعد مضي فترة معيّنة يتشكّل هجين يحتوي على العناصر الداخلية للسلالة المختبرية والعناصر الخارجية للسلالة الجائحة. ويستغرق تحضير الفيروس الهجين ثلاثة أسابيع تقريباً.

3- التحقّق من سلالة اللقاح: لا بدّ، بعد تحضير الفيروس الهجين، من اختباره للتحقّق من قدرته الفعلية على إنتاج البروتينات الخارجية للسلالة الجائحة ومن مأمونيته وقدرته على النموّ في البيض. وبعد استكمال هذه العملية، التي تستغرق ثلاثة أسابيع أخرى تقريباً، يتم توزيع سلالة اللقاح على صانعي اللقاحات.

إعداد الكواشف لاختبار اللقاح (مع الكواشف المرجعية): تقوم المراكز المتعاونة مع المنظمة، في الوقت ذاته، بإنتاج مواد معيّرة (الكواشف) تُعطى لجميع صانعي اللقاحات لتمكينهم من قياس ما ينتجونه من كميات الفيروس وضمان أنّهم يقومون جميعاً بإنتاج علب تحتوي على الجرعة الصحيحة من اللقاح. وتتطلّب هذه العملية ثلاثة أشهر على الأقلّ وتمثّل، في غالب الأحيان، عقبة أمام صانعي اللقاحات.

الأنشطة التي يُضطلع بها على مستوى صانعي اللقاحات
1- توفير الظروف المثلى لنموّ الفيروس: يأخذ صانع اللقاح الفيروس الهجين الذي تلقاه من المختبرات التابعة للمنظمة ويقوم باختبار مختلف ظروف نموّه في البيض لتحديد أفضلها. وتقتضي هذه العملية ثلاثة أسابيع تقريباً.

2- صنع اللقاح بالجملة: تتم هذه العملية، في معظم حالات إنتاج لقاحات الأنفلونزا، في بيض الدجاج المخصّب البالغ تسعة أيام إلى 12 يوماً. ويتم حقن فيروس اللقاح في آلاف البيضات، ثم يتم تحضين تلك البيضات لفترة تتراوح بين يومين وثلاثة أيام لتمكين الفيروس من التكاثر. وبعد ذلك يتم جمع بياض البيض الذي بات يحتوي على عدة ملايين من فيروسات اللقاح وفصله عن الفيروس. ثم يتم قتل هذا الفيروس الصافي جزئياً باستخدام مواد كيميائية. وبعدها يتم تصفية بروتينات الفيروس الخارجية ممّا يمكّن من إنتاج مئات آلاف اللترات من بروتينات الفيروس الصافية التي يُطلق عليها اسم المستضد، وهو العنصر الفاعل من اللقاح. والجدير بالذكر أنّ إنتاج كل دفعة أو تشغيلة من المستضد يستغرق أسبوعين تقريباً ويمكن، بعض مضي بضعة أيام، البدء في إنتاج دفعة جديدة. ويعتمد حجم الدفعة على عدد البيضات التي يمكن لمنتج اللقاح الحصول عليها وتلقيحها وتحضينها. ومن العوامل المؤثّرة الأخرى مردودية كل بيضة. ويتم، عندما تُنتج دفعة واحدة، تكرار العملية قدر الإمكان للحصول على كمية اللقاح اللازمة.

3- مراقبة الجودة: لا يمكن الشروع في هذه العملية إلاّ بعد تلقي الكواشف اللازمة لاختبار اللقاح من المختبرات التابعة للمنظمة، على النحو المبيّن أعلاه. ويتم اختبار كل دفعة والتحقّق من عقامة الكمية الإجمالية للمستضد. وتستغرق هذه العملية أسبوعين تقريباً.

4- تعبئة اللقاح وإصداره: يتم تخفيف دفعة اللقاح للحصول على تركيز المستضد المرغوب فيه، ويتم وضعه في قنينات أو محاقن ووسمه. ثم يتم اختبار عدد من تلك القنينات والمحاقن للتأكّد من:

العقامة
تركيز البروتينات
المأمونية، باختبار اللقاح على الحيوانات
وتستغرق هذه العملية أسبوعين.

5- الدراسات السريرية: يجب، في بعض البلدان، اختبار كل لقاح جديد من لقاحات الأنفلونزا على عدد قليل من البشر لإظهار أنّه يفي بالغرض المنشود. وتتطلّب هذه العملية أربعة أسابيع على الأقلّ. وقد لا يكون ذلك ضرورياً في بعض البلدان الأخرى لأنّ ثمة تجارب سريرية عديدة أُجريت باستخدام تحضيرات لقاحية سنوية مماثلة ومن المفترض، بناء على ذلك، أن يعطي اللقاح الجديد المضاد للجائحة نتائج مطابقة.

الأنشطة التي يُضطلع بها في الوكالات التنظيمية- الموافقة التنظيمية
لا بدّ أن يخضع اللقاح للموافقة التنظيمية قبل التمكّن من بيعه وتطعيم الناس به. ويمتلك كل بلد الوكالة التنظيمية والقواعد الخاصة به في هذا المجال. وإذا تم صنع اللقاح بانتهاج العمليات ذاتها التي تُنتهج لصنع لقاح الأنفلونزا الموسمية وفي المصنع ذاته يمكن أن تتم تلك العملية بسرعة فائقة (يوماً واحداً أو يومان). وقد تقتضي الوكالات التنظيمية في بعض البلدان إجراء اختبار سريري قبل الموافقة على اللقاح، ممّا يستوجب فترة زمنية إضافية قبل التمكّن من إتاحة اللقاح.

ويمكن إنجاز العملية بأكملها، في أفضل السيناريوهات، في فترة تتراوح بين خمسة إلى ستة أشهر. ويمكن، حينئذ، إتاحة الدفعة الأولى من اللقاح النهائي لأغراض التوزيع والاستعمال.

المصدر : عربي بوست + منظمة الصحة العالمية