صحة وطب

كل ما نعرفه عن الملح قد يكون خاطئاً!

يرتكز جسم الإنسان على معدن أساسي هو الملح نظراً الى وظائفه المتعددة، وهو يؤثر على مستوى ضغط الدم وعملية نقل نبض العصب. ومن المهم أيضاً الحفاظ على مستوى الصوديوم في الدم.

أثبتت دراسة جديدة أجريت على روّاد فضاء روس في ظروف تناسب السفر إلى الفضاء، نقلتها صحيفة “نيويورك تايمس”، أن تناول الكثير من الملح جعلهم أقل عطشاً ولكن أكثر جوعاً إلى حدٍ ما.

فقد أظهرت تجارب متتالية أجريت على الفئران، أنها أحرقت مقداراً أكبر من السعرات الحرارية عندما تناولت المزيد من الملح، وزادت كمية طعامها بنسبة 25%.

وعارضت هذه الدراسة التي نشرت في مجلة “كلينيكال إنفيستغيشنز” ما هو متعارف عليه طبياً بأن تناول الكثير من الملح يؤدي إلى زيادة العطش. وأظهرت أن كميات كبيرة من الملح تساعد في تقليص الوزن، مما أذهل الأطباء المتخصصين بأمراض الكلى.

وتقول الطبيبة المساعدة في كلية الطب في جامعة “Harvard Medical School” ميلاني هوينيغ: “هذا أمر جديد ورائع للغاية، إن العمل قد تم بشكل دقيق”.

وبحسب الصحيفة فإن هذه الدراسات الجديدة هي نتيجة سعي العالِم والطبيب جينز تيتزي، الأختصاصي في مركز طبي وفي المركز المتعدد الاختصاص للبحوث السريرية في إرلانغن في ألمانيا.

وأضافت الصحيفة أنه في عام 1994 قرر برنامج الفضاء الروسي العيش لمدة 135 يوما في “محطة مير الفضائية”، لذلك أراد الدكتور تيتزي الذهاب إلى روسيا لدراسة عينة من البول بين أفراد الطاقم وتأثير الملح على نظامهم الغذائي.

فكانت النتيجة أن خلال 28 يوما من تلقي كميات الصوديوم، ظهر التأثير بشكل بارز في تركيبة البول وليس في الكمية. لذلك كان الدكتور تيتزي متأكداً أن ثمة شيئاً غير شرب السوائل له تأثير على على تخزين الصوديوم في أجسام الطاقم.

وفي عام 2006 أعلن برنامج الفضاء الروسي عن تجربتين، الأولى دامت 105 ايام والثانية 520 يوما. فكان ذلك فرصة لتيتزي للتأكد من ان النتائج السابقة كانت حقيقية أم لا.

وفي التجربة الأقصر إتبع الطاقم نظام غذائي يحتوي على 12 غراماً من الملح يومياً، ثم 9 غرامات يومياً وبعدها 6 غرامات فقط من الملح، وفي كل مرة كانت المدة 28 يوماً. أما في التجربة الأطول فتناول رواد الفضاء في دورة إضافية 12 غراماً من الملح يومياً.

وأشار المواطن الألماني المشارك في البرنامج وهو مهندس ميكانيكي في شتوتغارت، أوليفر كنيكل إلى أن حتى الطعام الذي كانت نسبة الملح فيه 12 غراماً في اليوم لم يكن مالحاً بالنسبة اليه.

الصدمة الحقيقية كانت عندما قام الدكتور تيتزي بقياس كمية الصوديوم التي تفرز في بول الطاقم، وحجم البول، وكمية الصوديوم في الدم. فقد ظهر له أن كمية الصوديوم في الدم ثابتة، ولكن حجم البول زاد.

وبدل أن يشرب الطاقم المزيد من الماء، شرب أقل على المدى الطويل عند حصوله على كمية كبيرة من الملح، فكان السؤال عندها: “من أين أتتت كمية البول الزائدة؟”

وأضاف: “لا يوجد سوى طريقة واحدة لتفسير هذه الظاهرة. إن الجسم على الأرجح قد أنتج المياه عندما كانت كمية الملح مرتفعة في الطعام”.

واشتكى الطاقم أيضاً من أنهم كانوا يشعرون دائما بالجوع عند تناولهم نظاما غذائيا تزيد فيه كمية الملح. وأكد لهم الدكتور تيتزي أنهم يحصلون على ما يكفي من الغذاء للحفاظ على أوزانهم، وأن الكمية هي نفسها التي يأكلونها في نظام غذائي قليل الملح ولكن من دون الشعور بالجوع.

وكي يتأكد من النتيجة قام تيتزي بإجراء تجارب على الفئران، وكانت النتيجة أنه كلما زاد كمية الملح في طعامها كانت كمية المياه التي يشربونها أقل.

ولكن رغم هذه الدراسة لا ينصح تيتزيِ بزيادة نصيب الشخص من الملح بغرض فقدان الوزن.