العالم اليوم

رعب الغربة في زمن الكورونا… الطلاب اللبنانيون في ايطاليا مهدّدون بالجوع والافلاس!

الوضع في ايطاليا ليس بخير. وبالنظر الى الفيديوهات المسرّبة من داخل المستشفيات يعلم الفرد انّ الوضع اسوأ من الارقام الكارثية التي تسجّلها هذه الدولة الاوروبية في عدّاد الاصابات بفيروس كورونا وعدد الوفيات. ولأنّ للبناني “قرص في كل عرس”، شكّل تواجد ابناء الجالية اللبنانية في المدن الايطالية لا سيّما الطلاب منهم، هاجسا حقيقيا للسلطات اللبنانية المعنية هناك، بعد المناشدات الحثيثة منذ اكثر من شهر. فكيف هو وضع اللبنانيين هناك مع تحوّل ايطاليا الى بؤرة رئيسية لتفشي الكورونا في اوروبا؟ اي مشاكل يواجهونها؟ وايّ عوامل تهدّد سلامتهم؟

شبان لبنانيون يبادرون لإنشاء خلية أزمة!

محمد كمال، شاب لبناني يسكن في مدينة “تورينو” في شمال ايطاليا والتي لا تبعد كثيرا عن مركز انتشار وباء الكورونا، قرّر و5 أشخاص انشاء خلية أزمة منذ 20 شباط الماضي، بالتزامن مع ارتفاع نسبة الاصابات بالكورونا وتأثيرها الاقتصادي والمعيشي “الرهيب” على الطلاب اللبنانيين. الخلية متواجدة في اكثر من مدينة ايطالية، وتتلقى كل يوم اتصالات لحالات لبنانية كثيرة، ويشرح المتصلون لأعضاء الخلية بالتفاصيل المشاكل السكنية، والمعيشية واللوجستية التي تواجههم، ليقوموا بدورهم بتسجيل هذه البيانات مع الاسماء وارقام الهواتف وارسالها الى السلطات اللبنانية في ايطاليا (السفارة والقنصلية)، لبحث الحلول المتوفرة من اجل تمويل هؤلاء الاشخاص الذين يعانون من مشاكل مادية او لوجستية (سفر وتحويلات مصرفية).

الطلاب اللبنانيون في ايطاليا معرّضون للجوع والافلاس

يؤكّد كمال في حديث لموقع VDLnews انّ “عددا كبيرا من اللبنانيين هنا مهدّد بمشاكل معيشية، وهم لا يعرفون ماذا يفعلون، خاصة وانّ الوضع الاقتصادي المتأزّم في لبنان لا يسمح لأهالي الطلاب بتحويل المال اليهم. اضف الى ذلك سياسة المصارف التي حجبت التحويلات الى الخارج، التي وان توفّرت تكون صعبة جدا بسبب تدهور سعر صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار”. ويشير الشاب اللبناني الى انّ “هناك مَن يعاني بسبب اعتماد البعض على نقل المال “بالطريقة التقليدية” من خلال جلب شخص قادم من لبنان المال للطالب الموجود في المدن الايطالية، وهذا بات غير متوفر بعد توقف الملاحة بين البلدين”.

ويشدّد كمال على انّ “الطلاب اللبنانيين يعانون من قلق وخوف كبيرين بسبب توقف الطيران من ايطاليا الى لبنان والعكس ايضا”، لافتا الى انّ “من حاول العودة الى لبنان كانت دواعيه اقتصادية اكثر من ما هي صحيّة”. وقال: “فقد الطلاب اعمالهم مع بداية الازمة، حيث كانوا يعملون في المقاهي والفنادق والمطاعم الى جانب دراستهم، وبالتالي لم يعد يتوفر لديهم مدخول اسبوعي او شهري من اجل اعالة انفسهم، وتسيير امورهم الرئيسية”.

ويضيف: “علمت انّ عددا من الطلاب لا يجدون سوى سلق الأرز او “الباستا” من اجل سدّ جوعهم، واذا استمرّ هذا الوضع لفترة اسبوع او 10 ايام كحد اقصى قد يتعرّض الطلاب اللبنانيون في ايطاليا للجوع والعوز والافلاس. اما من الناحية الصحية، فيخفّ القلق قليلا، لأن النظام الصحي الايطالي يشعرنا حتى الآن بأن الوضع مسيطر عليه، وفي حال اصبنا بالفيروس فسنلجأ الى المستشفيات من اجل العلاج”.

ماذا عن دفع ايجارات السكن؟

وعن صحّة ما تمّ تداوله انّ البعض من الطلاب اللبنايين مهدد بالطرد من المنازل بسبب عدم توفر الاموال لدفع الايجارات، ينفي كمال هذه الاخبار، موضّحا انّه “اصلا من غير الممكن ان يرغم صاحب البيت الطالب او اي شخص آخر على المغادرة، ولا سيّما في مثل هذا الوقت، كما انّ الموضوع يمكن ان يعالج من خلال المفاوضات مع اصحاب المنازل بالتعهد بدفع كل المستحقات ريثما تهدأ الاوضاع وتعود الاعمال الى سابق عهدها”.

ويتابع: “لكن لا يخفى على احد، انّ الوضع الدراسي لكثير من الطلاب مهددّ بسبب اوضاعهم الاقتصادية السيئة، وهم حتما سيعودون الى لبنان في اول فرصة ستُتاح لهم”.

العائلات اللبنانية مهدّدة ايضا؟!

ويلفت الشاب اللبناني الى انّ “الدولة في ايطالية لا تفرّق بين الايطالي والأجنبي من حيث الرعاية الصحية، فهذه الحقوق متوفرة للجميع وهي شفافة بهذا الموضوع، مع العلم انّه حتى الآن لم نتلق اي مساعدة عينية منهم. امّا من الجانب اللبناني، فلم توفر السفارة اللبنانية في روما، او القنصلية في ميلانو ايّ فرصة من اجل تقديم المساعدات وحلّ المشاكل قدر المستطاع”، مشيرا الى انّ “هذه الجهات وضعت لائحة بأسماء كل الاطباء اللبنانيين المتواجدين على الاراضي الايطالية ليكونوا بخدمة اي لبناني بحاجة للرعاية الصحية”.

ويرى كمال انّ “بعض العائلات اللبنانية التي لديها اعمال ثابتة هنا في ايطاليا، تحاول تصريفها من خلال الـ”Smart Working”. والى الآن، هي لا تعاني من مشكلة مادية لكن لا نعرف الى اين ستتجه الامور وما اذا كان الوضع المستقبلي القريب من الناحية الاقتصادية سيؤثر عليهم ايضا”.

ماذا يقول القنصل اللبناني في مدينة ميلانو؟

يؤكّد القنصل اللبناني في ميلانو الأستاذ خليل محمّد انّ “الازمة لا تطال فقط اللبنانين بل الجميع، وللأسف اتوقّع انّ ازمة الكورونا ستنعكس على كلّ طلابنا اللبنانيين في اوروبا”.

وفي حديث خاص لموقع VDLnews يشير محمّد الى انّهم يحاولون مع السفارة اللبنانية في روما الوصول الى العدد الاكبر من الطلاب اللبنانيين من خلال خلية الأزمة، وقال: “الوضع الصحي للطلاب ممتاز ونحن الى جانبهم و”انشالله ما رح يعوزوا شي”. كما نعمل على تفعيل قدرة بعض ابناء الجالية اللبنانية في ايطاليا من اجل المساعدة في تأمين المستلزمات المعيشية الرئيسية من اكل وشرب ودواء وغيرها لمن احتاج”.

ويضيف: “نجري الآن احصاء اوسع وأشمل وانشالله لن يحتاج اي شاب لبناني في ايطاليا الى أحد، لكن هذه الامور بحاجة الى القليل من الوقت لأنّ سرعة تفشي الفيروس شكلت صدمة كبيرة لنا وللسلطات الايطالية”،

ويشدّد محمّد على انّ “التحويلات المالية هي اسوأ مشكلة يعاني منها الطلاب”، لافتا الى انّه “قبل اغلاق المطارات، وقبل ان ينتشر هذا الفيروس بهذه السرعة واعلان حال الطوارئ، كان هناك حرية للتنقل، وبالتالي لم نسمح لأنفسنا ان نطلب من الطلاب مغادرة ايطاليا والعودة الى لبنان، انّما كنّا نرشدهم من اجل اخذ الحيطة والحذر والانتباه اثناء التجول”.

وختم القنصل حديثه، قائلا: “حاولنا النزول الى لبنان لكن الأمر تعثّر، ومع ذلك نحن على تواصل دائم مع الاطباء والخبراء الذين اكّدوا لنا انه من الأفضل عدم العودة، لأن كل المرافق العامة، وآليات المواصلات في شمال ايطاليا ومنها القطارات، موبوءة وملوثة بالكورونا؛ وبالتالي نسبة خطر نقل الفيروس الى اهالي الطلاب في لبنان كانت عالية جدا، ولبنان بالأزمة التي يعيشها لا يمكنه مواجهة مثل هكذا تهديد”.

المصدر : مارون يمّين – VDLNEWS