بيروت اليوم

دياب تعرّض لمحاولة ‘انقلاب’.. من أراد إسقاطه | الثنائي الشيعي أم المسيحي؟

كتب جورج شاهين في صحيفة “الجمهورية”: لم تعد اللعبة التي وقع ضحيتها الرئيس المكلّف تشكيل الحكومة العتيدة الدكتور حسان دياب خافية على أحد. فهو تعرّض لمحاولة “انقلاب” سياسي لئلا يُقال “اغتيال”،

فليس لدى الرجل ما يخسره. يكفيه القول إنّه حاول بنيّة صادقة وبجرأة نادرة إخراج البلاد من الأزمة في أسوأ الظروف. ورغم الإعتراف بهذه الحقيقة، ثمة سؤال يُطرح، من أراد إسقاطه، “الثنائي الشيعي” ام “الثنائي المسيحي”؟

يعترف كثيرون بصدقية المثل الذي يقول، إنّ “من المستحيل تغيير الأحصنة في القوافل وسط النهر” إلّا في لبنان. فكل شيء فيه وارد وممكن، وقد يتحوّل امراً واقعاً بين ليلة وضحاها. فليس في البلد قواعد ثابتة،

والدستور وُضِع على الرف منذ زمن بعيد تعلوه قشرة سميكة من الغبار الناجم عن مواجهات الداخل والخارج معاً.

ولذلك يمكن ابتداع المعادلات “غبّ الطلب” ساعة يشاء أي من المسؤولين، وخصوصاً اذا كان في موقع “الفاخوري”الذي يمكنه وضع “أذن الجرة” اينما أراد.

وعليه، فإنّ الإشارة الى ما تقدّم ليست لمزيد من إلقاء الظلال على ما هو غامض أصلاً في عملية تأليف الحكومة. فالبلد يعجّ يومياً بالتسريبات والسيناريوهات التي لا يوجد من يُثبت صحتها او ينفيها. فكل ما رافق عملية تأليف الحكومة، منذ تكليف الدكتور حسان دياب هذه المهمة في 19 كانون الأول الماضي، يوحي بكثير من الأمثلة على مثل هذه الروايات، رغم انّ البعض منها لا يُعبّر عن حقيقة الواقع، وقد يقارب الحقيقة مرّة ويجافيها مرات. فقد اتقن اللبنانيون لعبة الوجهين واللسانين، وبات بعضهم قادراً على نفي اي تصريح ولو انبثت به شفتاه امام ملايين الناس وعلى شاشات التلفزة. فكيف إذا كان ذلك يجري في الكواليس والغرف المقفلة على اصحاب التسويات. فلكلٍ منهم القدرة على التراجع عن موقف أو وعد قطعه من دون اي رادع أو حسيب. فالظروف التي تتحكّم بالبلاد يمكنها أن تقود الى مثل هذه التجارب، واذا لم توجد يمكن ابتداعها في اي لحظة.

ومن هذه المنطلقات بالذات، تردّدت في الآونة الأخيرة روايات عدة تنعى الجهود المبذولة لتشكيل حكومة مستقلة من ذوي الخبرة والإختصاص لمواجهة الأزمات المتناسلة، التي باتت تهدّد البلد بشلل طويل الأمد، وليس من مصلحة أحد تكريسه طويلاً. فالكواليس تعجّ بالإقتراحات السرّية التي تناولت اجراء تغيير جذري في شكل الحكومة المنتظرة وتركيبتها،

والانتقال بهما مما سُمّي حكومة مستقلة تجمع الخبراء والإختصاصيين الى حكومة تكنوـ سياسية مختلطة من سياسيين وخبراء، قبل ان يعطيها رئيس مجلس النواب نبيه بري صفة “لمّ الشمل”، في ظل دعوته رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري للعودة الى بيروت وإحياء عمل حكومته، لأنّ الواجب الدستوري لا يعطيه هذه الصلاحية فحسب، بل انّه يجبره على القيام بواجبات تخلّى عنها الى حين تشكيل الحكومة الجديدة.

ولمّا كان اللبنانيون يتقنون فن التأويل بما يتعارض مع ابسط قواعد التفسير، فإنّ اللغة العربية تسمح بالقراءة المتناقضة للمضمون أحياناً. فقيل عندها، انّ بري اطلق رصاصة الرحمة على مساعي دياب وأجهضها، داعياً الى عودة الحريري كمرشح وحيد لتأليف حكومة “لمّ الشمل” إن جرى توصيفها على انّها بديل من إسم حكومة “الوحدة الوطنية” أو “الحكومة الجامعة”، على رغم من معرفة الجميع بما لا يؤدي الى مثل هذه النتيجة. فلا الحريري يرغب العودة الى السراي من دون حكومة حيادية ومستقلة، ولا الأحزاب الأخرى كـ”القوات اللبنانية” او “الحزب التقدمي الإشتراكي”، ولا “الحراك” يرغبون المشاركة في اي حكومة في ظل الأجواء القائمة على اكثر من مستوى.

ولذلك، وقع اللبنانيون ضحية اكثر من سيناريو يوزع الإتهامات لتعطيل مهمة دياب، وانحصر بعضها بإتهام “الثنائي الشيعي” بمثل هذا الإنقلاب تأسيساً على مواقف بري، التي شكّلت صدمة في الوسطين السياسي والحكومي. فيما ردّ آخرون العملية الى مطلب تقدّمت به “الثنائية المسيحية” الجديدة ما بين “بعبدا وميرنا الشالوحي”،

قبل ان تتراجع عنها في وقت قياسي، على ما كشفت اوساط قريبة من بري، فقالت انّه لم يبادر من طرف واحد، لو لم يتلقَ عرضاً تقدّم به رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ومعه رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل، والذي يُقال انّ نائبه ايلي الفرزلي هو من نقله اليه في لقاء بينهما قبل ايام قليلة. وهو ما دفعه الى ما اطلقه من اقتراح يمكن ان يشكّل منفذاً الى المخرج المحتُمل في ظلّ المصاعب التي تواجه دياب، وللخروج من اكثر من معطى لا يريد بري تكريسه في هذه التشكيلة.