بيروت اليوم

حكاية ڤيرجِين | حين يصبح الصمت أخطر من الجريمة!

آلاف القضايا الانسانية طرحتها العديد من البرامج الاجتماعية على مختلف محطات التلفزة فأخرجتِ الظلم عن صمته، ونكَشت بين الجدران والحارات. ورغم سعيي المتواصل لتوظيف مهاراتي الكتابية في المقالات السياسية، إلا أنّ شيئاً مني بقيَ عالقاً بهموم المجتمع ومعاناة أفراده، فغالباً ما كانت الحسرة تستوقف حروفي لوهلة وتمضي، لكني البارحة لم أستطع أن أُسكت أنين القهر في صدري فتجمّدت كلماتي أمام دموع “ڤيرجين” وتعسّرت مقالتي السياسية وبدا ليَ الصمت أخطر من الجريمة!

ومن لم يشاهد حلقة “هوا الحرية” ليل أمس، لم يتسنَّ له أن يتعرّف على معنى “الصبر الجميل”، ولم يحالفه الحظ لكي يُنصت الى نبض الأمومة الذي يملأ الدنيا حبّاً وأماناً.

فڤيرجين البالغة من العمر ثلاثة وسبعون عاماً هي أمّ لولد واحد انفصل عن زوجته بعد زواج دام سنوات طويلة، فلم يعد امام الفتى من متنفّس لعقده النفسية التي كان يفجرّها كلما اشتد غضبه بالضرب المبرح لزوجته سوى والدته التي أنجبته وربّته وضحّت بعمر كامل من أجله.

لستُ أدري ما هو المشهد الذي آلمني اكثر، هل كان جسد ڤيرجين المصبوغ بكل ألوان الصبر إثر كدمات حادة، أم رفضها بأن تتقدم بشكوى ضد وحيدها والمطالبة بعيش كريم وآمن قبل أن تخطّ الاقدار لها النهاية؟

أم أن إحساسيَ كأمٍّ غلبني ولامسني شعور الكِبر قبل بلوغه فتلقّيتُ وجعها مع كل طعنة نكران؟

تعيش فرجين اليوم في كل مكان، ولا تتوقف عن نثر عبارات الرضى على ضميرٍ منتحرٍ هان عليه أن يتلذذ بالتعنيف الجسدي والمعنوي لمن منحته الحياة، وينتزع منها بقسوةٍ حق الرعاية بعد أن داهمها العمر.

تقول “الختيارة” بحرقة الانكسار “بقعد هون وهون بس ما بدي ارجع” شارحة أسباب هروبها من بيتها بغصّةٍ لستُ اعلم كيف لها ان لا تقضيَ على جبروت انسان،

فخوفها من ابنها الوحيد الذي شرع مؤخرا بقتلها خنقاً، دفعها كي تلوذ بالفرار تاركة خلفها بقايا أمّ ذبحها العقوق!

نقلا” عن موقع إرزي الاكتروني