بيروت اليوم

بالصور | مبادرة انسانية رائعة من الشابة اللبنانية ‘يارا’… في هذه الظروف الصعبة، تجمع المسنين من الطرقات في ‘بيت جدودنا’ وترفض ان تسميه ‘مأوى’…. ‘بيت من الحب والحنان والأمان لكبارنا’

من على تلة صغيرة في قرية بيت مري بمحافظة جبل لبنان، يطل منزل حجري لكنه ليس ككل المنازل من الداخل، فما إن تدخله حتى تجد مجموعة من كبار السن يجتمعون تحت سقفه كأنهم عائلة واحدة، يلقون فيه الاهتمام والمحبة وتؤمَن فيه كلّ حاجياتهم.

“بيت جدودنا” هو اسم هذا المنزل الذي يضم بين جدرانه مجموعة من كبار السن يعيشون فيه بحرية تامة من دون قيود أو قوانين محددة وكأنه منزلهم الشخصي، بعدما كانوا سابقا بلا مأوى يبيتون في الطرقات.

حتى لا يبقوا مشردين
البيت أسسته الشابة اللبنانية يارا بو عون مع عدد من المتطوعين في محاولة منها لتعويض كبار السن عن قسوة الأيام والتشرد وحمايتهم من خطر الطرقات. بدأت يارا (31 عاما) مشروع “بيت جدودنا” بالبحث عن كبار السن في الطرقات، لإقناعهم بالعيش في أي مأوى بعيدا عن التشرد في الشوارع.

وعندما تبلورت فكرة مشروعها، أحبت أن يعيش كل مسن في هذا المنزل كأنه في منزله، فاختارت منزلا حجريا قديما كي يكون له تأثير معنوي على كبار السن.

أسمته يارا “البيت” لأن كلمة مأوى قد يكون لها تأثير سلبي على كبار سن، و”جدودنا” لأن الجدود بحسبها هم بركة العائلة، حيث بدأت مشروعها باثنين والآن أصبح لديها 12 مسنا، وتسعى لجلب المزيد منهم كي يعيشوا حياة كريمة.

تقول يارا إن “حبي للمسنين واهتمامي بهم كان الدافع الأول لإطلاق المشروع، فأنا لا أحب أن أراهم يعيشون في الشوارع”.

وتضيف “كنت دوما أذهب إليهم لأقنعهم بأن يعيشوا في أي مأوى، إلى أن تبلورت في ذهني فكرة بيت جدودنا الذي أعطاهم الأمان والحب والحنان”.

كل شيء مؤمّن
كل مستلزمات الحياة والراحة مؤمنة في المنزل، من تلفاز وشبكة إنترنت وهاتف. وما يميز هذا المنزل -كما تقول يارا- أنه ملك لهم وكل شيء تحت تصرفهم، ويمكنهم فعل أي شيء في أي وقت، وتحضير أي شيء يحبونه من طعام وشراب.

فالبيت ليس كأي مأوى يضع لهم برنامجا مسبقا وقوانين، بل تشرف يارا على إعداد طعامهم في وقت فراغها، كما تساعدها أمها وبعض نساء الجيران في تنظيم البيت وترتيب الملابس. كما تحرص يارا على تأمين العناية الطبية لهم وشراء الأدوية وإجراء الفحوصات اللازمة.

يقول المسن مارون نعمة (81 عاما) “بيت جدودنا بمثابة نافذة أمل لنا، فكل شيء مؤمن هنا من طعام وشراب وراحة وأمان.. هنا أشعر أني لست في مأوى بل في منزلي الخاص”. ويردف “هنا وجدت عائلة جديدة، وهنا شعرت بالأمان والحنان.. أعيش معهم آخر أيام حياتي بعدما كنت بلا مأوى”.

للتطوع أشكال
يعتمد “بيت جدودنا” على المتبرعين الذين يزودون البيت بأغلب المستلزمات من مال ودواء وأثاث، ولمن لا يرغب في دفع الأموال -حسب يارا- فيمكنه مساعدتهم بحضوره الشخصي وقضاء نهار كامل مع المسنين.

تقول يارا بهذا الخصوص “ليس ضروريا أن تكون المساعدات مادية، فيمكن لأي شخص أن يخصص وقتا من يومه لتمضيته مع كبار السن في الجلوس معهم والحديث وحتى شرب فنجان من القهوة معهم، فهذا الدعم المعنوي يؤثر كثيرا في نفسية المسن”.

ولا يشعر المسنون داخل البيت بالملل، فكل واحد منهم يقضي وقت فراغه فيما يحب، وذلك من خلال تأمين كل احتياجاته حتى الثنائية منها، كأدوات الزراعة لمحبي الزرع، والرسم، وألعاب الورق والكلمات المتقاطعة، والكتب.

وتسعى يارا لتطوير مشروعها في المستقبل لإطلاق مشروع “بيت ستي” ليكون منزلا للمسنات، كما تطمح إلى نشر فكرتها لتشمل كافة المحافظات اللبنانية كي لا يبقى مسن بلا مأوى.

المصدر : الجزيرة