بيروت اليوم

السقوطُ المدّوي… الحريري لن يعود

ليست هناك مؤشرات واضحة تؤكد عدم عودة الرئيس سعد الحريري إلى المسرح السياسي، هو علّق مشاركته في الحياة السياسية مع تيّار “المستقبل” لكنه أبقى على هيكيلية التيّار ولو بحدّها الأدنى كماكينةٍ لا تزال تعمل ولو ببطءٍ شديد، أو بعيداً عن الأضواء، كما أنه لم يتوقف عن التواصل مع كوادره الرئيسية على الأرض في مختلف المناطق اللبنانية.

إذاً ليس هناك من مؤشرٍ حاسمٍ لخروج الحريري من الحياة السياسية بشكلٍ نهائي. ممكنٌ جداً أن يأتي يومٌ ونشهد عودة الحريري إلى الحياة السياسية. لكن في جميع الأحوال، لا يزال من السابق لأوانه الحديث عن انتهاء حقبة آل الحريري، وأيضاً الإنتخابات وحجم المشاركة فيها ونتائجها ثم انعكاسها على الإنتخابات الرئاسية، كلّها عناصر سوف تعيد تشكيل المشهد السياسي من جديد، وقبل ذلك من المستحيل حتّى للحريري نفسه أن يكون لديه تصورٌ واضح وحاسم حول مستقبله السياسي.

عند النظر على البيت المستقبلي الحزين على رحيل مالكه، يتبيّن أن السقف مُهدّد بالسقوط في أي لحظة، عشرات الكوادر والقياديين الكبار غادروا القلعة المستقبلية بحثاً عن ملجأ جديد، القاعدة الشعبية باتت شبيهة بقالب حلوى يتمّ تقاسمه في السوق الإنتخابي بين اللوائح والمرشّحين، هذا ناهيك عن تململ الباقين في صفوف التيّار والممتعضين من تجميد حركة “المستقبل” لأسبابٍ لا تزال مجهولة.

يقول مسؤولون غادروا التيّار الأزرق إن الحريري لن يعود، رحل إلى غير رجعة سياسية، وعلينا تقبّل الواقع الصعب والمؤلم، فمن كان يصدق أن الملعب السياسي سيخسر اللاعب الأبرز على مستوى الوطن والطائفة، ونصبح بلا قائد أو زعيم، نبحث عن الذي يوحّد صفوفنا ويُخرجنا من عنق الزجاجة.

أولى المؤشرات التي تدلّ على عدم عودة الحريري، هي سقوط البنى التحتية السياسية التي بناها سعد طوال 16 عامًا، فالتيّار بات كالقلعة المهجورة، تحوم حولها أرواح الأوفياء فقط، الذين اقتنعوا بقرار الحريري ولم يتخلّوا عن مبادئهم وقناعاتهم “الحريرية”، لكن هذا لا يكفي، ولو كان سعد بصدد العودة، لترك الأمور على ما هي عليه قبل رحيله، بعكس الحال اليوم.

كيف يمكن للحريري العودة ومعظم من كانوا إلى جانبه أصبحوا اليوم جنوداً في معارك إنتخابية تشهدها الدوائر الـ 15 في لبنان، وكيف سيعود فيما حاملي شعار تيّار “المستقبل” باتوا قلّةً قليلة لا يتعدّون أصابع اليد الواحدة. التيّار في حالة إنهيار والهيكل بات قاب قوسين أو أدنى من السقوط المدّوي، يقول الراحلون عن “المستقبل”.

من المؤشرات أيضًا، تفكّك اتحاد العائلات البيروتية الذي يعتبر الغطاء العائلي للحريري منذ أيام الرئيس الشهيد رفيق الحريري، فالإتحاد بات ساحةً للتنافس الإنتخابي بين المرشّحين على عدة لوائح، والشريحة الكبرى من الإتحاد بايعت الرئيس فؤاد السنيورة، الذي تمرّد على قرار الحريري وفي عقر داره بيروت.

رغم ذلك لم يقم الإتحاد بتبنّي جميع المرشّحين الذين ولدوا من رحمه، بل فقط أعلن دعم مرشح السنيورة المحامي ماجد دمشقية، وللعلم فإن عمر الإتحاد لن يكون طويلاً، فمن المتوقع أن يسقط مع سقوط مرشّحه في معركة 15 أيار.

لا يمكن التغاضي عن القرار السعودي الواضح بعدم السماح للحريري المشاركة في الحياة السياسية، فالمملكة كانت السبب الأساس في “محاصرة” الحريري حتى قبل تفكيره باعتزال السياسة، ولا يبدو حتى اللحظة أن هناك ما سيدفع السعودية إلى التراجع عن قرارها وإعادة اعتماد الحريري كممثلٍ لها على الأراضي اللبنانية.

المزاج الخليجي ورغم معاداته ل”حزب الله”، إلاّ إنه منفتح على جميع القيادات والحالات السنّية في لبنان، وعودة العلاقات بين دول الخليج ولبنان لم تعد مستحيلة. لكن هذا كلّه دون أن يكون للحريري حصة في المفاوضات وتقريب وجهات النظر. الحريري الزعيم، هو اليوم رجل أعمال يمارس الـ business في أبو ظبي، فهل حقاً لن يعود؟

المصدر : ليبانون ديبايت