بيروت اليوم

الحريري | I’m out !

شكّلت الزيارة المفاجِئة لرئيس حكومة تصريف الاعمال سعد الحريري الى قصر بعبدا تكريساً لواقع يشي باشتداد حدّة الأزمة بدلاً من أن تكون التمهيد المفترض لبدء مسار الانفراج من خلال دعوة رئيس الجمهورية الى استشارات نيابية لتكليف رئيس الحكومة.

فالوضع المالي-الاقتصادي-المصرفي بكل تداعياته الخطيرة وغير المسبوقة كان الحاضر الاكبر في لقاء الرئيسين في بعبدا في ظل ستاتيكو قائم على الواقع الآتي: عجز سياسي حقيقي عن مواكبة استقالة رئيس الحكومة بخطة انقاذية تستثمر الصدمة الايجابية التي أحدثتها هذه الاستقالة في الشارع من خلال استمرار النزاع حول “هوية الحكومة” المقبلة،

وارتفاع المتاريس أكثر بين معسكرين الاول يمثله “حزب الله” وميشال عون ونبيه بري يتمسّك بتكريس “الانتماء” السياسي للحكومة العتيدة وإن بوجوه “اختصاصيين” في مقابل رئيس حكومة مستقيل يبدو “زاهداً” بالسرايا وبإعادة تكليفه ما لم يتمّ تلقف الاستقالة بتشكيل فريق عمل حكومي “نوعي” يدفع أهل الشارع فور الاعلان عن مراسيم الحكومة للعودة الى منازلهم!

وفق المعلومات، ما تمّ تداوله بين عون والحريري اقتصر على طرح الاحتمالات الممكنة لتفادي الأسوأ على الصعيد المالي والاقتصادي والمصرفي في ظل التقارير المخيفة التي تصل تباعاً الى كل من بعبدا وبيت الوسط، وعن حالات الهلع التي لم توفّر أكبر رأس حتى أصغر مودع، والاجراءات “الردعية” التي تتخذها المصارف والتي كرّست واقع قرب انهيار السقف فوق رؤوس الجميع…

تؤكد شخصية بارزة على تماس مباشر مع حركة الاتصالات بين المقار السياسية “وسط اشتداد الازمة لا شئ يوحي ان الرئيس عون سيدعو الى استشارات التكليف قبل الاسبوع المقبل. كان يفترض لاستقالة الحريري أن تفتح كوة حقيقية في جدار الازمة إلا أن المدّ والجزر لا يزال قائماً مع الاشارة، أمام من لا يزال يسأل عن سبب الاستقالة، الى ضرورة الأخذ بالاعتبار فيما لو لم يأخذ الحريري قراره بالاستقالة، ماذا كان يمكن ان يحصل على مستوى الشارع”.

عملياً، لا يزال الحريري يقف عند مفترق طرق تاركاً للأخرين أن يناوروا حتى يحدّد المسار النهائي الذي سيسلكه. فالاستقالة حصلت بعد 13 يوماً من الحراك المطلبي غير المسبوق في تاريخ لبنان. هو إذا أعطى فرصة للحلول، وبالتالي “تخوينه” يخرج عن إطار المنطق، برأي القريبين منه.

واليوم ثمّة قوى سياسية تتمسّك ببقائه، لكن شروط العودة واضحة لدى الحريري: لا لحكومة بنفس التوازنات التي حكمت الحكومة المستقيلة بل “حكومة شارع” تتماهى مع سلّة مطالبه المحقة، مسلّماً بأن لا أحد يملك ترف الوقت للتفاوض “على البارد” وإن فشلنا، وفق قريبين منه، “ستحلّ الكارثة”.

ويبدو أن خيار التماهي مع رياح الشارع ستدفع الحريري، في حال أخذ القرار بعدم تكليفه، الى تزكية اسم “موثوق” قد لا يدور بالضرورة في فلك “تيار المستقبل”، ما يعني ان الحريري سيذهب بعيداً جداً في الجلوس على مقاعد “جمهور الحراك”، بما أن مطلبه الاساس كان حكومة متحرّرة من كل القيود السياسية، حيث يرى الحريري أنها الافضل لتهدئة الشارع ورسالة جدية الى المجتمع الدولي.

ولعل المصيبة الاكير أنه بعد عشرة أيام من تقديم الحريري استقالته لا اتفاق لا على شكل الحكومة ولا عددها “المصغّر”، في وقت يشير مطلعون الى أن “حزب الله” والرئيس بري لا يزالون يطلبون المزيد من الوقت قبل أن يطوي الحريري تماماً صفحة التكليف ليلتحق مجدداً الى نادي رؤساء الحكومات السابقين،

فيما يحذّر قريبون من الحريري بأن الحراك الشعبي في حال لم تقدّم له “وصفة” الحلّ المعقول سيتحوّل تدريجاً الى “ثورة معيشية” بالتزامن مع المخاطر المتزايدة على الصعيد المالي.

ويبدو ان مطلعين على مشاورات التكليف يتكلمون بشئ من الحسم بأن الحريري قد اتخذ قراره فعلاً لكنه، وتفادياً لعدم تعزيز نظرية المؤامرة، يعطي المفاوضات حدّها الاقصى.

المصدر : ليبانون ديبايت