بيروت اليوم

أيها المسؤولون… خذوا العِبرة من أفواه طلاب “البرفيه”!

خرج بالأمس طلاب شهادة “البرفيه” بعد اليوم الأول من الإمتحانات، بإنطباعات لو أخذ بها المسؤولون لأصبح الوضع التربوي أفضل مما كان ومما هو عليه حاليًا.

ماذا قال هؤلاء الطلاب، الذين خاضوا أول تجربة مباشرة لهم بدولتهم، من خلال ما لمسوه من تعاطٍ من قبل مراقبي وزارة التربية؟

-بدلًا من صرف الأموال الطائلة، ولم يعرفوا الأرقام النهائية، لتركيب كاميرات لمراقبة الطلاب، كان الأجدى شراء كراسٍ جديدة بدلًا من تلك المخّلعة، وطاولات غير تلك المهددة بالسقوط عند أول عطسة.

-لو ركّب المسؤولون بدلًا من هذه الكاميرات أجهزة تكييف أفلا كان ذلك أكثر جدوى وفعالية؟

-بوجود هذه الكاميرات لم يعد لوجود المراقبين داخل قاعات أي لازمة، وكان الأفضل إخضاع هؤلاء لدورات تأهيلية لتدريبهم من قبل أخصائيين على الطريقة الأسلم للتعاطي مع طلاب يخضعون للمرّة الأولى لإمتحانات رسمية، مع ما لهذه التسمية من رهبة.

-في أكثر من منطقة إنقطع عنها التيار الكهربائي، وبما أن المدارس الرسمية غير مشتركة مع أصحاب الموترات الخاصة، لم تؤدِ هذه الكاميرات الغاية، التي من أجلها وضعت، وهي كلّفت الخزينة نحو 800 ألف دولار أميركي، في وقت تحتاج فيه الدولة إلى كل فلس لتغطية عجزها،

وبالتالي أصبحت هذه الكاميرات أشبه بـ”خيالات صحرا”، حيث دبّت الفوضى في المدارس الواقعة جغرافيًا في المنطقة المقطوعة عنها الكهرباء، وأصبح النقل على “عينك يا تاجر”، مع “تطنيش” المراقبين، الذين تعاطفوا مع الطلاب، وهم في الأساس حانقون على دولتهم لأنها لم تعطهم حقهم.

هذه هي قصة الكاميرات، التي زرعت الرعب في نفوس الطلاب، الذين لم يتجاوزا سن الرابعة عشرة، حتى أن كثيرين منهم لم يغمض لهم جفن في الليلة التي سبقت اليوم الأول من الإمتحانات.

فلو كان لدى القيمين على وزارة التربية أدنى فكرة عن “سيكولوجية” الطلاب لكان حرّي بهم أن ينفذّوا خطة تركيب الكاميرات من دون تطبيل وتزمير، وكأنهم أكتشفوا البارود أو وجدوا حلًا لمشكلة “الأوزون”.

يا جماعة الخير، لم تكن كل هذه العملية، التي لا لزوم لها في الأساس، تستأهل كل هذه الضجّة الإعلامية، مع العلم أن أي إجراء لن يُتخذ في حق المخالفين، الذين قد ينتمون إلى هذه الجهة النافذة أوذاك الفريق المتنفذّ، حتى ولو ثبتت عمليات الغش والنقل بعيون الكاميرات.

والأدهى أن ثمة طلابًا آخرين حرموا من “نعمة” التقدم إلى الإمتحانات، وكل ذنبهم أنهم مسّجلون في مدارس، لم يفهم أحد حتى الآن ما هي الإشكالية بين إدارتها ووزارة التربية،

ما أثار موجة من التأفف لدى معظم الطلاب، غير المعنيين بهذه الأزمة المستجدّة، ما أثّر على معنوياتهم، فأنعكس ذلك ضياعًا وبلبلة.

فلو سلمّنا جدلاً أن ثمة خطأ ما أرتكبته إدارات هذه المدارس المحروم طلابها من التقدّم إلى الإمتحانات أسوة بغيرهم من الطلاب، فلماذا لم تتحرّك الدوائر المعنية في وزارة التربية منذ اليوم الأول لبدء العام الدراسي،

ولماذا مورست في حقّ الطلاب المغلوب على أمرهم هذه المسرحية السمجة، ولماذا أنتظروا حتى لحظة الإمتحانات.

بكل بساطة، وفي لحظة صفاء وهدوء، ومن دون إنفعالية وردّت فعل سلبية، نقول لهؤلاء المسؤولين: تعلموّا الحكمة من أفواه طلاب “البرفيه”، لعلكم تنجحون في الإمتحانات المقبلة.